الثاني: وأن استغفروا من الشرك والمعاصي ثم توبوا، أي: ارجعوا إليه بالطاعة. الثالث: الاستغفار طلب من الله تعالى لإزالة ما لا ينبغي والتوبة سعي من الإنسان في إزالة ما لا ينبغي فقدم الاستغفار ليدل على أنّ المؤمن يجب عليه أن لا يطلب الشيء إلا من مولاه فإنه هو الذي يقدر على تحصيله، ثم بعد الاستغفار ذكر التوبة؛ لأنها عمل يأتي به الإنسان ويتوسل به إلى دفع المكروه، والاستعانة بفضل الله تعالى تقدم على الاستعانة بسعي النفس، ثم إنه تعالى لما ذكر هذه المراتب الثلاثة ذكر بعدها ما يرتب عليها من الآثار المطلوبة، ومن المعلوم أنّ المطالب محصورة في نوعين؛ لأنه إنما يكون حصولها في الدنيا أو في الآخرة أما المنافع الدنيوية فهي المرادة من قوله تعالى: ﴿يمتعكم متاعاً حسناً﴾ أي: بطيب عيش وسعة رزق ﴿إلى أجل مسمى﴾ وهو الموت. فإن قيل: إنّ النبيّ ﷺ قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وقال أيضاً: «خص البلاء بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل». وقال تعالى: ﴿ولولا أن يكون الناس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة﴾ (الزخرف، ٣٣) فهذه النصوص دالة على أن نصيب المشتغل بالطاعات في الدنيا هو الشدّة والبلية، ومقتضى هذه الآية أن نصيب المشتغل بالطاعات الراحة في الدنيا فكيف الجمع بينهما؟
(٣/١٠٣)
---