تنبيه: قوله سلام أكمل من قوله السلام، لأنّ التنكير يفيد الكمال والمبالغة والتمام، ولهذا صح وقوعه مبتدأ؛ لأنّ النكرة إذا كانت موصوفة جاز جعلها مبتدأ، أو لفظ السلام فإنه لا يفيد إلا الماهية. فإن قيل: فلأي شيء ما كفى الأوّل في التحلل من الصلاة عند النوويّ؟ أجيب: بأنّ ذلك سنة متبعة. وقرأ حمزة والكسائي بكسر السين وسكون اللام ولا ألف بعدها، والباقون بفتح السين واللام وبعدها ألف. قال الفراء: ولا فرق بين القراءتين كما يقال حل وحلال وحرم وحرام. وقيل سلم هو بمعنى الصلح، أي: نحن سلم صلح غير حرب. ﴿فما لبث أن جاء بعجل حنيذ﴾ (هود، ٦٩)، أي: فما أبطأ مجيئه به. والحنيذ: المشوي على الحجارة المحماة في حفرة من الأرض، وكان سميناً يقطر ودكه. كما قال تعالى في موضع آخر: ﴿فجاء بعجل سمين﴾. قال قتادة: كان عامة مال إبراهيم البقر. روي أنّ إبراهيم عليه السلام مكث خمس عشرة ليلة لم يأته ضيف فاغتمّ لذلك وكان يحب الضيف ولا يأكل إلا معه، فلما جاءته الملائكة رأى أضيافاً لم ير مثلهم فعجل قراهم وجاء بعجل سمين مشوي.
﴿فلما رأى أيديهم﴾، أي: الأضياف ﴿لا تصل إليه﴾، أي: لا يمدّون أيديهم إليه ﴿نكرهم﴾ أي: أنكرهم وأنكر حالهم لامتناعهم من الطعام ﴿وأوجس﴾، أي: أضمر في نفسه ﴿منهم خيفة﴾، أي: خوفاً. قال قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وإنما جاء بشر. ﴿قالوا لا تخف﴾ يا إبراهيم ﴿إنا﴾ ملائكة الله ﴿أرسلنا إلى قوم لوط ﴾ بالعذاب وإنما لم نمد له أيدينا لأنا لا نأكل.
(٣/١٦٦)
---