تنبيه: لن يصلوا إليك جملة موضحة للتي قبلها؛ لأنهم إذا كانوا رسل الله لن يصلوا إليه، ولن يقدروا على ضرره، ثم قالوا له: ﴿فأسر بأهلك بقطع﴾، أي: طائفة ﴿من الليل﴾ وقرأ نافع وابن كثير بعد الفاء بهمزة وصل من السرى والباقون بهمزة قطع من الإسراء. ﴿ولا يلتفت منكم أحد﴾، أي: لا ينظر إلى ورائه لئلا يرى عظيم ما نزل بهم. وقوله: ﴿إلا امرأتك﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو برفع التاء على أنه بدل من أحد، والباقون بالنصب على أنه استثناء من الأهل، أي: فلا تسر بها ﴿إنه مصيبها ما أصابهم﴾ فلم يخرج بها، وقيل: خرجت والتفتت فقالت: واقوماه فجاءها حجر فقتلها. روي أنه قال لهم: متى موعد هلاكهم فقالوا له: ﴿إنّ موعدهم الصبح﴾ قال: أريد أسرع من ذلك فقالوا: ﴿أليس الصبح بقريب﴾، أي: فأسرع الخروج بمن أمرت بهم.
﴿فلما جاء أمرنا﴾، أي: عذابنا بهلاكهم ﴿جعلنا عاليها﴾، أي: قراهم ﴿سافلها﴾ روي أنّ جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط المؤتفكات المذكورة في سورة براءة، وكانت خمس مدائن، وفيها أربعمائة ألف، وقيل: أربعة آلاف، ألف فرفع المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونهيق الحمير ونباح الكلاب، لم يكفأ لهم إناء ولم ينتبه نائم، ثم أسقطها مقلوبة إلى الأرض. ﴿وأمطرنا عليها﴾، أي: المدن بعد قلبها، وقيل: على شُذّاذها وهو بضمّ الشين المعجمة وبذالين معجمتين أولاهما مشدّدة وهم الذين ليسوا من أهلها يكونون في القوم وليسوا منهم ﴿حجارة من سجيل﴾، أي: من طين طبخ بالنار كما قال تعالى في موضع آخر ﴿من طين﴾ وقيل مثل السجل وهو الدلو العظيمة. ﴿منضود﴾، أي: متتابع يتبع بعضها بعضاً.
(٣/١٧٤)
---


الصفحة التالية
Icon