﴿قالوا﴾ له ﴿يا شعيب﴾ سموه باسمه استخفافاً وغلظة وأنكروا عليه متهزئين به ﴿أصلواتك تأمرك﴾، أي: تفعل معك فعل من يأمر دائماً بتكليفنا ﴿أن نترك ما يعبد﴾، أي: على سبيل المواظبة ﴿آباؤنا﴾ من الأصنام، فحذف الذي هو التكليف؛ لأنّ الإنسان لا يؤمر بفعل غيره، قالوا له ذلك في جواب أمره لهم بالتوحيد ﴿أو﴾ نترك ﴿أن نفعل﴾، أي: دائماً ﴿في أموالنا ما نشاء﴾ من قطع الدراهم والدنانير وإفساد المعاملة والمقامرة ونحوها مما يكون إفساداً للمال، قالوا ذلك في جواب النهي عن التطفيف والأمر بالإيفاء، وإنما أضافوا ذلك إلى صلاته تهكماً واستهزاء بها وإشعاراً بأن مثل هذا لا يدعو إليه داع عقلي، وإنما دعاك إليه خطرات ووساوس من جنس ما تواظب عليه، وكان شعيب عليه الصلاة والسلام كثير الصلاة في الليل والنهار، وكان قومه إذا رأوه يصلي تغامزوا وتضاحكوا. وقصدوا بقولهم أصلواتك تأمرك السخرية والهزء، كما أنك إذا رأيت معتوهاً يطالع كتباً ثم يذكر كلاماً فاسداً فيقال له: هذا فائدة مطالعة تلك الكتب على سبيل الهزء فكذا هنا. وقرأ حفص وحمزة والكسائي: أصلاتك بالإفراد، والباقون بالجمع والتاء بالرفع في القراءتين، وغلظ ورش اللام في أصلواتك، وقولهم له: ﴿إنك لأنت الحليم الرشيد﴾ تهكم به، وقصدوا وصفه بضدّ ذلك كما يقال للبخيل الخسيس: لو رآك حاتم لسجد لك، وعللوا إنكار ما سمعوه منه واستبعدوه بأنه موسوم بالحلم والرشد المانعين من المبادرة إلى مثل ذلك، ثم أخرج قوله عليه الصلاة والسلام على تقدير سؤال بقوله:
(٣/١٨٠)
---