﴿ويا قوم لا يجرمنكم﴾، أي: لا يكسبنكم ﴿شقاقي﴾، أي: خلافي وهو فاعل بيجرم، والضمير مفعول أوّل، والمفعول الثاني ﴿أن يصيبكم﴾ عذاب العاجلة على كفركم وأفعالكم الخبيثة. قال في «الكشاف»: جرم مثل كسب في تعديه إلى مفعول واحد وإلى مفعولين، تقول: جرم ذنباً وكسبه وجرمته ذنباً وكسبته إياه. ومنه قوله تعالى ﴿لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم﴾. ﴿مثل ما أصاب قوم نوح﴾ من الغرق ﴿أو قوم هود﴾ من الريح العقيم ﴿أو قوم صالح﴾ من الرجفة ﴿وما قوم لوط منكم ببعيد﴾ لا في الزمان ولا في المكان؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بهلاكهم، وكانوا جيران قوم لوط وبلادهم قريبة من بلادهم، فإن القرب في الزمان والمكان يفيد زيادة المعرفة وكمال الوقوف على الأحوال، فكأنه يقول: اعتبروا بأحوالهم واحذروا من مخالفة الله ومنازعته حتى لا ينزل بكم مثل ذلك العذاب. فإن قيل: لِمَ قال ببعيد ولم يقل ببعيدين؟ أجيب: بأنّ التقدير: وما إهلاكهم بشيء بعيد، وأيضاً يجوز أن يسوى في قريب وبعيد وقليل وكثير بين المذكر والمؤنث لورودهما على زنة المصادر التي هي الصهيل والنهيق ونحوهما انتهى.
﴿واستغفروا ربكم﴾، أي: آمنوا به ﴿ثم توبوا إليه﴾ عن عبادة غيره؛ لأنّ التوبة لا تصح إلا بعد الإيمان وقد مرّ مثل ذلك. ﴿إن ربي رحيم﴾، أي: عظيم الرحمة للتائبين ﴿ودود﴾، أي: محب لهم. ولما بلغ عليه السلام في التقرير والبيان أجابوه بأنواع فاسدة.
(٣/١٨٢)
---