﴿ولما جاء أمرنا﴾ بعذابهم وإهلاكهم ﴿نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة﴾، أي: بفضل ﴿منا﴾ بأن هديناهم للإيمان ووفقناهم للطاعة. فإن قيل: لم جاءت قصة عاد وقصة مدين بالواو وقصة صالح ولوط بالفاء؟ أجيب: بأنّ قصة عاد ومدين لم يسبقهما ذكر وعد يجري مجرى السبب له بخلاف قصتي صالح ولوط فإنهما ذكرا بعد الوعد وذلك قوله تعالى: ﴿وعد غير مكذوب﴾ وقوله: ﴿إنّ موعدهم الصبح﴾ فلذلك جاءا بفاء السببية. ﴿أخذت الذين ظلموا﴾، أي: ظلموا أنفسهم بالشرك والبخس. ﴿الصيحة﴾، أي: صيحة جبريل عليه السلام صاح بهم صيحة خرجت أرواحهم وماتوا جميعاً، وقيل: أتتهم صيحة من السماء ﴿فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾، أي: باركين على الركب ميتين.
﴿كأن لم يغنوا﴾، أي: كأنهم لم يقيموا ﴿فيها﴾، أي: ديارهم مدّة من الدهر، مأخوذ من قولهم: غني بالمكان إذا أقام فيه مستغنياً به عن غيره ﴿ألا بعداً﴾، أي: هلاكاً ﴿لمدين كما بعدت ثمود﴾ إنما شبههم بهم؛ لأنّ عذابهم كان أيضاً بالصيحة لكن صيحتهم كانت من تحتهم وصيحة مدين كانت من فوقهم، قال ابن عباس: لم يعذب الله تعالى أمّتين بعذاب إلا قوم شعيب وقوم صالح؛ فأمّا قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم، وأمّا قوم شعيب فأخذتهم الصيحة من فوقهم.
القصة السابعة: التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة وهي آخر قصصها قصة موسى عليه الصلاة والسلام المذكورة في قوله تعالى:
(٣/١٨٥)
---