وكلاً}، أي: وكل نبأ ﴿نقص عليك﴾ وقوله تعالى: ﴿من أنباء الرسل﴾، أي: نخبرك به بيان لكل. وقوله تعالى: ﴿ما نثبت به فؤادك﴾ بدل من كلاً، ومعنى تثبيت فؤاده: زيادة يقينه وطمأنينة قلبه وثبات نفسه على أداء الرسالة وعلى الصبر واحتمال الأذى، وذلك لأنّ الإنسان إذا ابتلي بمحنة وبلية فإذا رأى له فيه مشاركاً خف ذلك على قلبه كما يقال: المصيبة إذا عمت خفت، وإذا سمع الرسول ﷺ هذه القصص وعلم أنّ حال جميع الأنبياء مع أتباعهم هكذا سهل عليه تحمل الأذى من قومه وأمكنه الصبر عليه. الفائدة الثانية: قوله تعالى: ﴿وجاءك في هذه الحق﴾، أي: في السورة وعليه الأكثر، أو في هذه الأنباء المقتصة فيها. وقال الحسن: في هذه الدنيا. قال الرازي: وهذا بعيد غير لائق بهذا الموضع؛ لأنه لم يجر للدنيا ذكر حتى يعود الضمير لها. فإن قيل: قد جاءه الحق في غير هذه السورة بل القرآن كله حق وصدق؟ أجيب: بأنه إنما خصها بالذكر تشريفاً لها ﴿وموعظة وذكرى للمؤمنين﴾ وخصهم بالذكر لانتفاعهم بذلك بخلاف الكفار، فذكر تعالى أموراً ثلاثة: الحق والموعظة والذكرى، أمّا الحق فهو إشارة إلى البراهين الدالة على التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد، وأمّا الموعظة فهي إشارة إلى السفر عن الدنيا وتقبيح أحوالها، وأمّا الذكرى فهي إشارة إلى الإرشاد إلى الأعمال النافذة الصالحة في الدار الآخرة، ولما بلغ تعالى الغاية والإنذار والإعذار والترغيب والترهيب أتبع ذلك بأن قال لرسوله صلى الله عليه وسلم
(٣/٢٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon