(٣/٢٤١)
---
ثم رأى فيها: ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً﴾ (الإسراء، ٣٢) فلم ينته ثم رأى فيها ﴿واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله﴾ (البقرة، ٢٨١) فلم ينجع فيه فقال الله تعالى لجبريل عليه السلام: أدرك عبدي قبل أن يدرك الخطيئة، فانحط جبريل وهو يقول: يا يوسف أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء؟ وقيل: رأى تمثال العزيز.d
وقيل: قامت المرأة إلى صنم كان هناك فسترته وقالت: أستحي أن يرانا، فقال يوسف: استحيت مما لا يسمع ولا يبصر ولا أستحي من السميع العليم بذات الصدور، فلم يصح منه شيء عن أحد منهم مع أنّ هذه الأقوال التي وردت عنهم إذا جمعت تناقضت وتكاذبت. قال الزمخشريّ: وهذا ونحوه ممن يورده أهل الجبر والحشو الذين دينهم بهت لله وأنبيائه فأخزى الله أولئك في إيرادهم ما يؤدّي إلى أن يكون إنزال الله السورة التي هي أحسن القصص في القرآن العربي المبين ليقتدي بنبيّ من أنبياء الله تعالى فيما ذكروه وأهل العدل والتوحيد. ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل وأطال في ردّ ذلك، وكذا فعل الرازي.
وقيل: وهمّ بها، أي: بزجرها ووعظها. وقيل: همّ بها، أي: غمه امتناعه منها. وقيل: همّ بها، أي: نظر إليها وقيل: همّ بضربها ودفعها. وقيل: هذا كله قبل نبوّته، وقد ذكر بعضهم ما زال النساء يملن إلى يوسف عليه السلام ميل شهوة حتى نبأه الله تعالى فألقى عليه هيبة النبوّة فشغلت هيبته كل من رآه عن حسنه ﴿كذلك﴾، أي: مثل ذلك التثبيت نثبته في كل أمر ﴿لنصرف عنه السوء﴾، أي: الهمّ بالزنا وغيره ﴿والفحشاء﴾ أي: الزنا وغيره، وقيل: السوء مقدمات الفاحشة من القبلة والنظر بالشهوة، والفحشاء هي الزنا، فكأنه قيل: لم فعل به هذا؟ فقيل: ﴿إنه من عبادنا﴾، أي: الذين عظمناهم ﴿المخلصين﴾، أي: في عبادتنا الذين هم خير صرف لا يخالطهم غش، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسر اللام بعد الخاء، والباقون بالفتح.
(٣/٢٤٢)
---