فإن قيل: هلا قال: وفريقاً قتلتم؟ أجيب: بأنه إنما ذكر بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية استحضاراً لها في النفوس فإنّ الأمر فظيع ومراعاة للفواصل. قال الزمخشري: أو أن يراد وفريقاً تقتلونهم بعد أي: الآن، لأنكم درتم حول قتل محمد لولا أني أعصمه منكم ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة، وقال ﷺ عند موته: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري».
(١/١٦٩)
---
﴿وقالوا﴾ للنبيّ ﷺ استهزاءً: ﴿قلوبنا غلف﴾ جمع أغلف أي: مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جئت به ولا تفقهه، مستعار من الأغلف الذي لم يختن كقولهم: ﴿قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه﴾ (فصلت، ٥)، وقيل: أصل غلف بالسكون غلف بالضم فخفف، والمعنى أنها أوعية العلم لا تسمع علماً إلا وعته ولا تعي ما تقول أي: فما تقوله ليس بعلم أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره، ثم ردّ الله تعالى عليهم أن تكون قلوبهم كذلك بقوله تعالى: ﴿بل﴾ للإضراب ﴿لعنهم الله بكفرهم﴾ أي: بسبب كفرهم، والمعنى أنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ولكنّ الله خذلهم بكفرهم فأبطل استعدادهم كما قال تعالى: ﴿فأصمهم وأعمى أبصارهم﴾ أو هم كفرة ملعونون فمن أين لهم دعوى العلم والاستغناء عنك ﴿فقليلاً ما يؤمنون﴾ ما مزيدة لتأكيد القلة أي: إيمانهم إيمان قليل جدّاً وهو إيمانهم ببعض الكتاب وقيل: أراد بالقلة العدم.