الثالث: قال أبو صالح: أزد وعمان يسمون العنب بالخمر فوقعت هذه اللفظة إلى أهل مكة فنطقوا بها. قال الضحاك: نزل القرآن بألسنة جميع العرب وذلك أنه قال: إني رأيت في المنام كأني في بستان وإذا فيه شجرة فيها ثلاثة أغصان عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وكان كأس الملك بيدي فعصرتها فيه، وسقيت الملك فشربه ﴿وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه﴾ وذلك أنه قال: رأيت في المنام كأنّ فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وألوان الطعام وسباع الطير تنهش منه ﴿نبئنا﴾، أي: أخبرنا ﴿بتأويله﴾، أي: بتفسيره ﴿إنا نراك من المحسنين﴾، أي: في علم التفسير؛ لأنه متى عبر لم يخطئ كما قال: وعلمتني من تأويل الأحاديث، وقيل: في أمر الدين؛ لأنه كان شديد المواظبة على الطاعات من الصوم والصلاة، فإنه كان يصوم النهار ويقوم الليل كله، ومن كان كذلك فإنه يوثق بما يقوله في تعبير الرؤيا وفي سائر الأمور، وقيل: في حق الشركاء والأصحاب؛ لأنه كان يعود مرضاهم ويؤنس حزينهم، وإذا ضاق على أحدهم وسع عليه وإذا احتاج أحدهم جمع له شيئاً، قيل: إنه لما دخل السجن وجد قوماً اشتدّ بلاؤهم وانقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يسكنهم ويقول: اصبروا وأبشروا تؤجروا فيقولون: بارك الله فيك يا فتى ما أحسن وجهك وخلقك وحديثك لقد بورك لنا في جوارك فمن أنت يا فتى؟ قال: أنا يوسف بن صفيّ الله يعقوب بن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم، فقال له عامل السجن: والله يا فتى لو استطعت لخليت سبيلك، ولكن سأحسن جوارك فكن في أي بيوت السجن شئت.
(٣/٢٥٦)
---


الصفحة التالية
Icon