﴿سواء منكم﴾، أي: في علمه تعالى ﴿من أسرّ القول﴾، أي: أخفى معناه في نفسه ﴿ومن جهر به﴾، أي: أظهره فقد استوى في علمه تعالى المسرّ بالقول والجاهر به ﴿ومن هو مستخف﴾، أي: مستتر ﴿بالليل﴾، أي: بظلامه ﴿وسارب﴾، أي: ظاهر بذهابه في سربه ﴿بالنهار﴾ والسرب: بفتح السين وسكون الراء الطريق، و قال ابن عباس: سواء ما أضمرته القلوب و أظهرته الألسنة، و قال مجاهد: سواء من يقدم على القبائح في ظلمات الليل، ومن يأتي بها في النهار الظاهر على سبيل التواري والضمير في.
﴿له﴾ يعود إلى من في قوله ﴿سواء منكم من أسّر القول ومن جهر به و من هومستخف بالليل﴾ أو للإنسان ﴿معقبات﴾، أي: ملائكة تعقبه، و الذي عليه الجمهور أنّ المراد بالملائكة الحفظة، وإنما صح وصفهم بالمعقبات إما لأجل أن ملائكة الليل تعقب ملائكة النهار، وبالعكس وإما لأجل أنهم يتعقبون أعمال العباد و يبتغونها بالحفظ والكتب وكل من عمل عملاً، ثم عاد إليه فقد عقب، فعلى هذا المراد من المعقبات ملائكة الليل و النهار، روي عن عثمان أنه قال يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك فقال ﷺ «ملك عن يمينك للحسنات وهو أمير على الذي على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشراً وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال لصاحب اليمين: اكتب قال: لا لعله أن يتوب أو يستغفر فيستأذنه ثلاث مرات فإذا قال ثلاثاً قال اكتب أراحنا اللّه منه. فبئس القرين ما أقل مراقبته للّه و استحيائه منا فهو قوله تعالى ﴿له معقبات﴾ ﴿من بين يديه﴾، أي: قدّامه ﴿ومن خلفه﴾، أي: ورائه، وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لربك رفعك، وإن تجبرت قصمك وملكان على شفتيك يحفظان عليك الصلاة، وملك على فيك، لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان على عينيك فهذه عشرة أملاك على كل أدمي» ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فهم عشرون ملكاً على كل آدمي.
(٣/٣٥٨)
---