﴿قل﴾ يا أشرف الخلق على الله تعالى لقومك ﴿من رب السموات والأرض﴾، أي: من مالكهما وما فيهما ومدبرهما وخالقهما؟ ﴿قل الله﴾، أي: أجب عنهم بذلك إن لم يقولوه، ولا جواب لهم غيره، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه ولقنهم الجواب به. وروي أنه لما قال للمشركين ذلك عطفوا عليه وقالوا: أجب أنت فأمره الله تعالى، فأجاب بذلك، ثم ألزمهم الحجة على عبادتهم الأصنام بقوله تعالى: ﴿قل﴾ لهم ﴿أفاتخذتم من دونه﴾، أي: غير الله ﴿أولياء﴾، أي: أصناماً تعبدونها ﴿لا يملكون لأنفسهم نفعاً﴾ يجلبونه ﴿ولا ضرّاً﴾ يدفعونه فكيف يملكون لكم ذلك؟ وقرأ ابن كثير وحفص بإظهار الذال في اتخذتم عند التاء، والباقون بالإدغام، ثم ضرب الله تعالى مثلاً للمشركين الذين يعبدون الأصنام والمؤمنين الذين يعبدون الله فقال تعالى: ﴿قل هل يستوي الأعمى والبصير﴾ قال ابن عباس: يعني المشرك والمؤمن، وإنما مثل الكافر بالأعمى؛ لأنه لا يهتدي سبيلاً، فكذلك الكافر لا يهتدي سبيلاً. ثم ضرب الله مثلاً للإيمان والكفر بقوله تعالى: ﴿أم هل تستوي الظلمات﴾، أي: الكفر ﴿والنور﴾، أي: الإيمان؟ الجواب: لا. وقرأ شعبة وحمزة والكسائي ﴿يستوي﴾ بالياء على التذكير، والباقون بالتاء على التأنيث، وأمّا اللام من هل هنا فلا تدغم على القراءتين. ﴿أم جعلوا لله شركاء﴾ والهمزة للانكار، وقوله تعالى: ﴿خلقوا كخلقه﴾ صفة شركاء، أي: خلقوا سموات وأرضين وشمساً وقمراً وجبالاً وبحاراً وجناً وإنساً. ﴿فتشابه الخلق﴾، أي: خلق الشركاء بخلق الله ﴿عليهم﴾ من هذا الوجه فلا يدرون ما خلق الله ولا ما خلق آلهتهم، فاعتقدوا استحقاق عبادتهم بخلقهم، وهذا استفهام إنكار، أي: ليس الأمر كذلك ولا يستحق العبادة إلا الخالق. ولما كان من المعلوم قطعاً أن جوابهم أن الخلق كله لله لزمتهم الحجة فقال تعالى: ﴿قل﴾ لهؤلاء المشركين ﴿الله خالق كل شيء﴾، أي: مما يصح أن يكون مخلوقاً، فهو من العموم الذي يراد به الخصوص، فلا يدخل