﴿ولما جاءهم رسول من عند الله﴾ هو محمد ﷺ ﴿مصدّق لما معهم﴾ من التوراة ﴿نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله﴾ أي: التوراة؛ لأنّ كفرهم بالرسول المصدق لها كفر بها فيما يصدّقه ونبذ لما فيها من وجوب الإيمان بالرسل المؤيدين بالآيات وقيل: كتاب الله هو القرآن نبذوه بعدما ألزمهم تلقيه بالقبول وقوله تعالى: ﴿وراء ظهورهم﴾ أي: لم يعملوا بما فيها من الآيات بالرسل وغيره مًثل لإعراضهم عنه بالكلية بالاعراض عما يرمي به وراء الظهر لعدم الالتفات إليه ﴿كأنهم لا يعلمون﴾ ما فيها من أنه نبيّ حق أو فيه شك يعني أنّ علمهم بذلك رصين ولكنهم كابروا وعاندوا. وعن سفيان أدرجوه في الديباج والحرير وحلوه بالذهب ولم يحلوا حلاله ولم يحرّموا حرامه.
(١/١٨٢)
---
وقوله تعالى: ﴿واتبعوا﴾ عطف على نبذ ﴿ما تتلو﴾ أي: ما تلت ﴿الشياطين﴾ والعرب تضع المستقبل موضع الماضي والماضي موضع المستقبل، وقيل: ما كانت تتلو أي تقرأ ﴿على﴾ عهد ﴿ملك سليمان﴾ من السحر وكانت دفنته تحت كرسيه لما نزع ملكه فلم يشعر بذلك سليمان فلما مات استخرجوه وقالوا للناس: إنما ملَككم سليمان بهذا فتعلموه، فأمّا علماء بني إسرائيل وصلحاؤهم فقالوا: معاذ الله أن يكون هذا من علم سليمان عليه الصلاة والسلام، وأمّا سفلاؤهم فقالوا: هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم وبقيت الملامة لسليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمداً ﷺ وأنزل الله عليه براءة سليمان هذا قول الكلبيّ.
(١/١٨٣)
---


الصفحة التالية
Icon