﴿ويقول الذين كفروا لست مرسلاً﴾، أي: لكونك لا تأتي بمقترحاتهم مع أنه ﷺ لم يقل يوماً: إنه قادر عليها، فكأنه قيل: فما أقول لهم؟ فقال تعالى: ﴿قل﴾ لهم ﴿كفى بالله﴾ الذي له الإحاطة الكاملة ﴿شهيداً﴾، أي: بليغ العلم في شهادته بالإطلاع على ما ظهر وما بطن ﴿بيني وبينكم﴾ يشهد بتأييد رسالتي، وتصحيح مقالتي بما أظهر لي من الآية، وأوضح من الدلالة بهذا الكتاب ويشهد بتكذيبهم بادعائكم القدرة على المعارضة، وترككم لها عجزاً، وهذا أعلى مراتب الشهادة؛ لأن الشهادة قول يفيد غلبة الظنّ بأن الأمر كما شهد به، والمعجزة فعل مخصوص يوجب القطع بكونه رسولاً من عند الله، واختلف في قوله تعالى: ﴿ومن عنده علم الكتاب﴾ فروى العوفي عن ابن عباس أنهم علماء اليهود والنصارى، أي: أنّ كل من كان عالماً من اليهود بالتوراة، ومن النصارى بالإنجيل علم أنّ محمداً ﷺ مرسل من عند الله لما يجد من الدلائل الدالة على نبوّته فيها شهد بذلك من شهد به وأنكره من أنكره منهم.n
(٣/٣٩٩)
---


الصفحة التالية
Icon