تنبيه: السحر لغة صرف الشيء عن وجهه يقال: ما سحرك عن كذا أي: ما صرفك عنه واصطلاحاً مزاولة النفوس الخبيئة لأقوال وأفعال يترتب عليها أمور خارقة للعادة.
واختلف فيه هل هو تخييل أو حقيقة؟ قال بالأوّل المعتزلة واستدلوا بقوله تعالى: ﴿يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى﴾ (طه، ٦٦) وقال بالثاني أهل السنة ويدلّ لذلك الكتاب والسنة الصحيحة، والساحر قد يأتي بفعل أو قول يتغير به حال المسحور فيمرض أو يموت منه ويفرّق به بين المرء وزوجه ويحرم تعليمه أو تعلمه، قال إمام الحرمين: ولا يظهر السحر إلا على يد فاسق ولا تظهر الكرامة على يد فاسق ويحرم أيضاً تعليم أو تعلم الكهانة والتنجيم والضرب بالرمل والحصى والشعير والشعبذة ويحرم إعطاء العوض أو أخذه عنها بالنص الصريح في حلوان الكاهن والباقي بمعناه، والكاهن من يخبر بواسطة النجم عن المغيبات في المستقبل بخلاف العرّاف فإنه الذي يخبر عن المغيبات الواقعة كعين السارق ومكان المسروق والضالة قال في «الروضة»: ولا يغتر بجهالة من يتعاطى الرمل وإن نسب إلى علم.
وأمّا الحديث الصحيح «كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك» فمعناه من علمتم موافقته له فلا بأس ونحن لا نعلم الموافقة فلا يجوز لنا ذلك. وقول البيضاويّ: وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات كالأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم وتسميته سحراً على التجوّز لما فيه من الدقة؛ لأنه أي: السحر في الأصل أي: اللغة لما خفي سببه مردود بل هو مذموم أي: حرام كما صرّح به النوويّ في «الروضة» وغيرها، وقوله تعالى: ﴿وما أنزل على الملكين﴾ عطف على السحر أي: ويعلمونهم ما أنزل على الملكين وقيل: عطف على ما تتلو أي: واتبعوا ما أنزل أي: ما ألهماه وتعلماه من السحر فالانزال بمعنى الإلهام والتعليم.
(١/١٨٥)
---


الصفحة التالية
Icon