تنبيه: في انتصاب سرّاً وعلانية وجوه: أحدها: أن يكون على الحال، أي: ذوي سر وعلانية بمعنى مسرّين ومعلنين. والثاني: على الظرف، أي: وقت سر وعلانية. وثالثها: على المصدر، أي: إنفاق سر وإنفاق علانية. ولما أمرهم الله تعالى بإقامة الصلاة والإنفاق أشار إلى عدم التهاون بذلك بقوله عز وجل: ﴿من قبل أن يأتي يوم﴾، أي: عظيم جدّاً ليس كشيء من الأيام التي تعرفونها ﴿لا بيع فيه﴾، أي: فيشتري المقصر ما يتدارك به تقصيره، أو يفدي به نفسه ﴿ولا خلال﴾، أي: مخالة، أي: صداقة تنفع في ذلك اليوم.
قال مقاتل: إنما هو يوم لا بيع فيه ولا شراء ولا مخالة ولا قرابة، فكأنه تعالى يقول: أنفقوا أموالكم في الدنيا حتى تجدوا ثواب ذلك الإنفاق في مثل هذا اليوم الذي لا يحصل فيه مبايعة ولا مخالة، ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة﴾ (البقرة، ٢٥٤)
. فإن قيل: كيف نفى الله تعالى المخالة في هاتين الآيتين مع أنه تعالى أثبتها في قوله تعالى: ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين﴾ (الزخرف، ٦٧)
(٣/٤٣٤)
---
؟ أجيب: بأن الآية الدالة على نفي المخالة محمولة على نفي المخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس، والآية الدالة على حصول المخالة محمولة على حصول المخالة الحاصلة بسبب عبودية الله تعالى ومحبة الله تعالى. ولما طال الكلام في وصف أحوال السعداء وأحوال الأشقياء، وكانت العمدة العظمى والمنزلة الكبرى في حصول السعادات معرفة الله تعالى بذاته وصفاته، وفي حصول الشقاوة فقدان ذلك ختم تعالى أحوال الفريقين بقوله تعالى: