بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج ﴿عند بيتك المحرم﴾، أي: الذي حرمت التعرض له، والتهاون به، وجعلت ما حوله حرماً لمكانه؛ أو لأنه لم يزل ممنعاً عزيزاً يهابه كل جبار كالشيء المحرّم الذي حقه أن يجتنب؛ أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكه؛ أو لأنه حرّم على الطوفان، أي: منع منه كما سمي عتيقاً؛ لأنه أعتق منه فلم يستول عليه، أو لأنه أمر الصائرين إليه أن يحرموا على أنفسهم أشياء كانت تحل لهم من قبل، أو لأنه حرم موضع البيت حين خلق السموات والأرض، وحفه بسبعة أملاك، وهو مثل البيت المعمور الذي بناه آدم فرفع إلى السماء السادسة، وروي أن هاجر كانت أمة لسارة فوهبتها لإبراهيم عليه السلام فولدت منه إسماعيل، فقالت سارة: كنت أريد أن يهب الله لي ولداً من خليله فمنعنيه ورزقه خادمتي، وغارت عليهما، وقالت لإبراهيم: بعدهما مني وناشدته بالله أن يخرجهما من عندها، فنقلهما إلى مكة وإسماعيل رضيع حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هناك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفل إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل وقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولاشيء؟ فقالت له ذلك مراراً، وهو لا يلتفت إليها فقالت له آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم قالت: إذاً لايضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لايرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه وقال: ﴿ربنا إني أسكنت من ذريتي﴾ (إبراهيم، ٣٧)
(٣/٤٤٢)
---


الصفحة التالية
Icon