يدل على أنّ ترك المنهيات لا يحصل إلا من الله تعالى. وقوله: ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة﴾ يدل على أنّ فعل المأمورات لا يحصل إلا من الله تعالى، وذلك تصريح بأنّ إبراهيم عليه السلام كان مصراً على أنّ الكل من الله تعالى، وقوله تعالى: ﴿ومن ذرّيتي﴾ عطف على المنصوب في اجعلني، أي: واجعل بعض ذريتي كذلك؛ لأن كلمة من في قوله (ومن ذرّيتي) للتبعيض، وأما ذكر هذا التبعيض، فلأنه علم بإعلام الله تعالى أنه يكون في ذرّيته جمع من الكفار وذلك قوله تعالى: ﴿ولا ينال عهدي الظالمين﴾ (البقرة، ١٢٤)
. المطلوب السادس: أنه عليه السلام لما دعا الله تعالى في المطالب المذكورة دعا الله تعالى في أن يقبل دعاءه فقال: ﴿ربنا وتقبل دعاء﴾. قال ابن عباس: يريد عبادتي بدليل قوله تعالى: ﴿وأعتزلكم وما تدعون من دون الله﴾ (مريم، ٤٨)
. وقيل: دعائي المذكور المطلوب السابع قوله:
﴿ربنا﴾، أي: أيها المالك لأمورنا المدبر لنا ﴿اغفر لي﴾ فإن قيل: إنّ طلب المغفرة إنما يكون بعد سابقة ذنب أجيب: بأن المقصود من ذلك الالتجاء إلى الله تعالى، وقطع الطمع إلا من فضله وكرمه ورحمته، ثم أشرك معه أقرب الناس إليه وأحقهم بشكره فقال: ﴿ولوالديّ﴾ فإن قيل: كيف جاز أن يستغفر لوالديه وكانا كافرين؟ أجيب بوجوه: الأول: أنّ المنع منه لا يعلم إلا بتوقيف، فلعله لم يجد منه منعاً و ظنّ كونه جائزاً، الثاني: أراد بوالديه آدم وحواء، الثالث: كان ذلك بشرط الإسلام، وقال بعضهم: كانت أمّه مؤمنة ولذلك خص أباه بالذكر في قوله: ﴿فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه﴾ (التوبة، ١١٤)
(٣/٤٤٧)
---