﴿ونبئهم﴾ أي: خبّر يا سيد المرسلين عبادي ﴿عن ضيف إبراهيم﴾ وهم ملائكة اثنا عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل عليه السلام. فإن قيل: الضيف هو المنضم إلى غيره لطلب القرى؟ أجيب: بأنّ هؤلاء سموا بهذا الاسم لأنهم على صورة الضيف فهو من دلالة التضمن وقيل أيضاً: إنّ من يدخل دار إنسان ويلتجئ إليه يسمى ضيفاً وإن لم يأكل.
(٣/٤٩١)
---
﴿إذ دخلوا عليه﴾ أي: إبراهيم وكان يكنى أبا الضيفان كان لقصره أربعة أبواب لكي لا يفوته أحد ﴿فقالوا سلاما﴾ أي: نسلم عليك سلاماً أو سلمت سلاماً ﴿قال﴾ إبراهيم عليه السلام بلسان الحال أو المقال ﴿إنا﴾ أي: أنا ومن عندي ﴿منكم وجلون﴾ أي: خائفون وكان خوفهم لامتناعهم من الأكل أو لأنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت والوجل اضطراب النفس لتوقع ما تكره.
﴿قالوا لا توجل﴾ أي: لا تخف ﴿إنا﴾ رسل ربك ﴿نبشرك بغلام﴾ أي: ولد ذكر في غاية القوّة ليس كأولاد الشيوخ ضعيفاً. وقرأ حمزة بفتح النون وسكون الباء وضم الشين مخففة والباقون بضم النون وفتح الباء وكسر الشين مشدّدة ﴿عليم﴾ أي: ذي علم كثير هو إسحاق عليه السلام كما ذكر في هود وتقدّم ذكر القصة هناك بأسرها ﴿قال﴾ إبراهيم عليه السلام
﴿أبشرتموني﴾ أي: بالولد وقوله: ﴿على أن مسني الكبر﴾ حال، أي: مع مسه إياي. فإن قيل: كيف قال ﴿فبم﴾ أي: فبأيّ شيء ﴿تبشرون﴾ أي: بينوا لي ذلك بياناً شافياً مع أنهم قد بينوا ما بشروا به وما فائدة هذا الاستفهام؟ أجيب: بأنه أراد أن يعرف أنّ الله تعالى هل يعطيه الولد مع بقائه على صفة الشيخوخة أو يقلبه شاباً ثم يعطيه الولد، والسبب في هذا الاستفهام أنّ العادة جارية بأنه لا يحصل في حالة الشيخوخة التامّة، وإنما يحصل في حال الشباب أو أنه استفهام تعجب ويدل لذلك قولهم: