﴿قالوا﴾ أي: الملائكة ﴿بل جئناك بما﴾ أي: بالعذاب الذي ﴿كانوا﴾ أي: قومك ﴿فيه يمترون﴾ أي: يشكون في نزوله بهم والجاهل يوصف بالشك وإن كان مكذباً من جهة ما يعرض له منه من حيث أنه لا يرجع إلى نفسه فيما هو عليه ثم أكدوا ما ذكروه بقولهم: ﴿وأتيناك بالحق﴾ أي: باليقين الذي لا يشك فيه ثم أكدوا هذا التأكيد بقولهم:
﴿وإنا لصادقون﴾ أي: فيما أخبرناك به ﴿فأسر بأهلك﴾ أي: فاذهب بهم في الليل ﴿بقطع من الليل﴾ أي: في طائفة من الليل وقيل: هي آخره، قال الشاعر:
*افتحي الباب وانظري في النجوم ** كم علينا من قطع ليل بهيم
كأنه طال عليه الليل فخاطب ضجيعته بذلك أو كان يحب طول الليل للوصال. وقرأ نافع وابن كثير بوصل همزة فأسر بعد الفاء من السرى، والباقون بالقطع وهما بمعنى. ﴿واتبع أدبارهم﴾ أي: وكن على آثار أهلك وسر خلفهم وتطلع على أحوالهم ﴿ولا يلتفت منكم أحد﴾ أي: لئلا يرى أليم ما نزل بهم من البلاء، وقيل: جعل ترك الإلتفات علامة لمن ينجو من آل لوط ﴿وامضوا حيث تؤمرون﴾ أي: إلى المكان الذي أمركم الله بالمضيّ إليه، قال ابن عباس: هو الشأم. وقال الفضيل: حيث يقول لكم جبريل وذلك أن جبريل أمرهم أن يمضوا إلى قرية معينة ما عمل أهلها عمل قوم لوط، وقيل: إلى الأردن، وقيل: إلى مصر. تنبيه: حيث ههنا على بابها من كونها ظرف مكان مبهم ولإبهامها تعدى إليها الفعل من غير واسطة.
﴿وقضينا﴾ أي: وأوحينا ﴿إليه﴾ ولما ضمن قضينا معنى الإيحاء تعدى بإلى ومثله ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل﴾ (الإسراء، ٤)
وقوله تعالى: ﴿ذلك الأمر﴾ مبهم تفسيره ﴿أن دابر هؤلاء مقطوع﴾ أي: مستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد وقوله تعالى: ﴿مصبحين﴾ حال من هؤلاء أو من الضمير في مقطوع وجمعه للحمل على المعنى فإن دابر هؤلاء في معنى مدبري هؤلاء، أي: يتم استئصالهم في الصباح.
(٣/٤٩٥)
---


الصفحة التالية
Icon