﴿لعمرك﴾ أي: وحياتك وما أقسم بحياة أحد غيره وذلك يدل على أنه أكرم الخلق على الله تعالى ﴿إنهم لفي سكرتهم﴾ أي: شدّة غفلتهم التي أزالت عقولهم ﴿يعمهون﴾ أي: يتحيرون الخطاب للوط عليه السلام قالت له الملائكة ذلك، أي: فكيف يعقلون قولك ويلتفتون إلى نصيحتك. تنبيه: لعمرك مبتدأ محذوف الخبر وجوباً وإنهم وما حيزه جواب القسم تقديره: لعمرك قسمي أو يميني إنهم والعمر والعمر بالفتح والضم واحد وهو البقاء إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإيثار الأخف فيه وذلك لأنّ الحلف كثير الدور على ألسنتهم بلعمري ولعمرك. ﴿فأخذتهم الصيحة﴾ أي: صيحة هائلة مهلكة وهل هي صيحة جبريل عليه السلام. قال الرازي: ليس في الآية دليل على ذلك فإن ثبت بدليل قوي قيل به وإلا ليس في الآية دليل إلا أنهم جاءتهم صيحة عظيمة مهلكة وقوله تعالى: ﴿مشرقين﴾ أي: داخلين في وقت الشروق وهو بزوغ الشمس حال من مفعول أخذتهم ثم بين سبحانه وتعالى ما تسبب عن الصيحة معقباً لها بقوله تعالى:
(٣/٤٩٧)
---
﴿فجعلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة والقدرة ﴿عاليها﴾ أي: مدائنهم ﴿سافلها﴾ بأن رفعها جبريل عليه السلام إلى السماء وأسقطها مقلوبة إلى الأرض ﴿وأمطرنا عليهم﴾ أي: أهل المدائن التي قلبت المدائن لأجلهم ﴿حجارة من سجيل﴾ أي: طين طبخ بالنار. تنبيه: دلت الآية الكريمة على أنّ الله تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب أحدها الصيحة الهائلة المنكرة وثانيها: أنه جعل عاليها سافلها، وثالثها: أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل، وتقدّمت الإشارة إلى ذلك في سورة هود.
﴿إنّ في ذلك﴾ أي: المذكور من هذه الأنواع ﴿لآيات﴾ أي: دلالات على وحدانية الله تعالى ﴿للمتوسمين﴾ أي: للناظرين المعتبرين جمع متوسم وهو الناظر في السمة حتى يعرف حقيقة الشيء وسمته.