﴿الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر﴾ وقيل: ليس بصفة بل مبتدأ ولتضمنه معنى الشرط دخلت الفاء في خبره وهو ﴿فسوف يعلمون﴾ أي: عاقبة أمرهم في الدارين. ولما ذكر سبحانه وتعالى أنّ قومه يسفهون عليه ولا سيما أولئك المقتسمون قال له تعالى:
﴿ولقد نعلم﴾ أي: نحقق وقوع علمنا ﴿أنك﴾ أي: على ما لم من الحلم وسعة البطان ﴿يضيق صدرك﴾ أي: يوجد ضيقه ويتجدد ﴿بما يقولون﴾ أي: من الاستهزاء والتكذيب بك وبالقرآن لأنّ الجبلة البشرية والمزاج الإنساني يقتضي ذلك فعند هذا قال تعالى:
﴿فسبح﴾ ملتبساً ﴿بحمد ربك﴾ أي: نزهه عن صفات النقص. وقال الضحاك: قل سبحان الله وبحمده. وقال ابن عباس: فصلّ بأمر ربك. ﴿وكن من الساجدين﴾ أي: من المصلين. روي أنه ﷺ «كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة». وقدّمت معناه في سورة البقرة. تنبيه: اختلف الناس كيف صار الإقبال على الطاعات سبباً لزوال ضيق القلب والحزن فقال العارفون المحققون: إذا اشتغل الإنسان بهذه الأنواع من العبادات يتنوّر باطنه ويشرق عليه وينفسح وينشرح صدره فعند ذلك يعرف قدر الدنيا وحقارتها فلا يلتفت إليها. وقال بعض الحكماء: إذا نزل بالإنسان بعض المكاره ففزع إلى الطاعات فكأنه يقول: يا رب يجب عليّ عبادتك سواء أعطيتني الخيرات أو ألقيتني في المكروهات فأنا عبدك بين يديك فافعل بي ما تشاء ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾ قال ابن عباس: يريد الموت، وسمى الموت يقيناً لأنه أمر متيقن وهذا مثل قوله تعالى في سورة مريم: ﴿وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً﴾ (مريم، ٣١)
(٤/٩)
---