الآية. قال الله تعالى: ﴿كذلك فعل الذين من قبلهم﴾ أي: من تقدّم هؤلاء من الكفار من الأمم الماضية كانوا على هذه الطريقة، وهذا الفعل الخبيث فإنكار بعثة الرسل كان قديماً في الأمم الخالية ففي ذلك تسلية للنبيّ ﷺ وكذا في قوله تعالى: ﴿فهل على الرسل إلا البلاغ﴾ أي: الإبلاغ. ﴿المبين﴾ أي: البين فليس عليهم هداية أحد إنما عليهم تبليغ ما أرسلوا به إلى من أرسلوا إليه.
(٤/٤٧)
---
ثم بين تعالى أنّ البعثة أمر جرت به السنة الإلهية في الأمم كلها سبباً لهدى من أراد اهتداءه، وزيادة لضلال من أراد ضلاله، كالغذاء الصالح فإنه ينفع المزاج السوي ويقويه ويضرّ المزاج المنحرف ويفنيه بقوله تعالى: ﴿ولقد﴾ أي: والله لقد ﴿بعثنا﴾ أي: بما لنا من العظمة التي من اعترض عليها قصم. ﴿في كل أمّة﴾ من الأمم الذين من قبلكم ﴿رسولاً﴾ أي: كما بعثنا فيكم محمداً ﷺ رسولاً. ﴿أن اعبدوا الله﴾ أي: الملك الأعلى وحده. وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة بكسر النون في الوصل والباقون بالضم. ﴿واجتنبوا الطاغوت﴾ أي: الأوثان أن تعبدوها ﴿فمنهم من هدى الله﴾ أي: وفقهم للإيمان بإرشاده ﴿ومنهم من حقت﴾ أي: وجبت ﴿عليه الضلالة﴾ أي: في علم الله تعالى فلم ينفعهم ولم يرد هداهم. تنبيه: في هذه الآية أبين دليل على أنّ الهادي والمضل هو الله تعالى لأنه المتصرف في عباده يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا اعتراض عليه فيما حكم به لسابق علمه، ثم التفت سبحانه وتعالى إلى مخاطبتهم إشارة إلى أنه لم يبق بعد هذا الدليل القطعي في نظر البصيرة إلا الدليل المحسوس للبصر فقال تعالى: ﴿فسيروا﴾ أي: فإن كنتم أيها المخاطبون في شك من أخبار الرسل فسيروا ﴿في الأرض﴾ أي: جنسها ﴿فانظروا﴾ أي: إذا سرتم ومررتم بديار المكذبين وآثارهم، ثم أشار تعالى بالاستفهام إلى أن أحوالهم مما يجب أن يسأل عنه للاتعاظ به فقال: ﴿كيف كان عاقبة﴾ أي: آخر أمر ﴿المكذبين﴾ أي: من عاد ومن