وفائدة ذكره الإشارة بتنكيره إلى تقليل مدّته فكان هذا الأمر الجليل في جزء يسير من الليل وإلى أنه عليه الصلاة والسلام لم يحتج في الإسراء والعروج إلى سدرة المنتهى وسماع الكلام من العليّ الأعلى إلى رياضة بصيام ولا غيره بل كان مهيأ لذلك متأهلاً له فأقامه تعالى من الفرش إلى العرش ﴿من المسجد الحرام﴾ أي: بعينه وهو الذي يدل عليه ظاهر لفظ القرآن. وروي أنه ﷺ قال: «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق» وقيل كان نائماً في الحطيم، وقيل في بيت أمّ هانئ بنت أبي طالب قال البقاعي: وهو قول الجمهور، والمراد بالمسجد حينئذ الحرم لأنه فناء المسجد. ﴿إلى المسجد الأقصى﴾ أي: بيت المقدس الذي هو بعيد المسافة حينئذٍ وأبعد المسجدين الأعظمين مطلقاً من مكة المشرّفة بينهما أربعون ليلة فصلى بالأنبياء كلهم إبراهيم وموسى ومن سواهما على جميعهم أفضل الصلاة والسلام ورأى من آياتنا الكبرى ما قدرنا له كما سيأتي في حديث المعراج، ورجع بين أظهركم إلى المسجد الأقرب منكم في ذلك الجزء اليسير من الليل، وأنتم تضربون أكباد الإبل في هذه المسافة شهراً ذهاباً وشهراً إياباً.
(٤/١٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon