تخفيف
(٤/١٦٤)
---
الصلاة حتى رجعت من خمسين إلى خمس مع أجر خمسين فقال:﴿وآتينا﴾ أي: بعظمتنا ﴿موسى الكتاب﴾ أي: التوراة ﴿وجعلناه﴾ أي: الكتاب بما لنا من العظمة ﴿هدى لبني إسرائيل﴾ بالحمل على العدل في التوحيد والأحكام وأسرينا بموسى عليه السلام وبقومه من مصر إلى بلاد المسجد الأقصى، فأقاموا سائرين إليها أربعين سنة ولم يصلوا ومات كل من خرج إلا المتقين الموفين بالعهد فقد بان الفضل بين الإسراءين كما بان الفضل بين الكتابين، فذكر الإسراء أوّلاً دليل على حذف مثله أوّلاً فالآية من الاحتباك ثم نبه على أنّ المراد من ذلك كلمة التوحيد اعتقاداً وعبادة بقوله تعالى: ﴿أنّ لا﴾ أي: لئلا ﴿يتخذوا﴾ على قراءة أبي عمرو بالياء على الغيبة، وقرأ غيره بالتاء على أن لا تتخذوا كقولك كتبت إليه أن أفعل كذا. ﴿من دوني وكيلاً﴾ أي: ربا تكلون إليه أموركم، وذلك هو التوحيد فلا معراج أعلى ولا درجة أشرف ولا نعمة أعظم من أن يصير المرء غريقاً في بحر التوحيد وأن لا يعوّل في أمر من الأمور إلا على الله تعالى، فإن نطق نطق بذكر الله، وإن تفكر تفكر في دلائل تنزيه الله وإن طلب طلب من الله، فيكون كله لله وبالله وإلى الله. وقوله تعالى:
﴿ذرية﴾ نصب على الاختصاص في قراءة أبي عمرو وعلى النداء عند الباقين أي: يا ذرّية ﴿من حملنا﴾ أي: في السفينة بعظمتنا على ظهر ذلك الماء الذي طبق ما تحت أديم السماء ونبه تعالى على شرفهم وتمام نعمتهم بقوله تعالى: ﴿مع نوح﴾ ففي ذلك تذكير بإنعام الله تعالى عليهم وإنجاء آبائهم من الغرق بحملهم مع نوح في السفينة. قال قتادة: الناس كلهم من ذرّية نوح لأنه كان معه في السفينة ثلاث بنين سام وحام ويافث، فالناس كلهم من ذرّية أولئك. قال البقاعي: لأنّ الصحيح أنّ من كان معه من غير ذرّيته ماتوا ولم يعقبوا ولم يقل ذرّية نوح ليعلم أنهم عقب أولاده المؤمنين لتكون تلك منة أخرى.
(٤/١٦٦)
---