فإنّ دعوتهم إلى الله تعالى قد انتشرت وعمت الأقطار واشتهرت. فإن قيل: الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسول لأنّ معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله تعالى وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه، واستحقاقهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم، وكفرهم لذلك لا لإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف، والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان؟ أجيب: بأنّ بعثة الرسول من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة لئلا يقولوا: ﴿إنا كنا عن هذا غافلين﴾ (الأعراف، ١٧٢)، فهلا بعثت إلينا رسولاً ينبهنا على النظر في أدلة العقل، وفي الآية دليل على أن لا وجوب قبل الشرع.
(٤/١٨٤)
---


الصفحة التالية
Icon