﴿ربكم أعلم بكم﴾ فعلم أنّ قوله تعالى: ﴿إن الشيطان﴾ إلى آخره جملة اعتراضية بين المفسر والمفسر وسكن أبو عمرو الميم وأخفاها عند الباء بخلاف عنه وكذا أعلم بمن ثم استأنف تعالى: ﴿إن يشأ﴾ أي: رحمتكم ﴿يرحمكم﴾ أي: بهدايتكم ﴿أو إن يشأ﴾ تعذيبكم ﴿يعذبكم﴾ أي: بإضلالكم فلا تحتقروا أيها المؤمنون المشركين فتقطعوا بأنهم من أهل النار فتعيروهم بذلك، فإنه يجرّ إلى غيظ القلوب فلا فائدة لأنّ الخاتمة مجهولة ولا تتجاوزوا فيهم ما أمركم الله به من قول وفعل. ثم رقى الله الخطاب إلى أعلى الخلق، ورأس أهل الشرع ليكون من دونه أولى بالمعنى منه فقال تعالى: ﴿وما أرسلناك﴾ أي: مع ما لنا من العظمة الغنية عن كل شيء ﴿عليهم وكيلا﴾ أي: حفيظاً وكفيلاً تقسرهم على ما يرضي الله، وإنما أرسلناك على حسب ما نأمرك به بشيراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بمداراتهم، وقد مرّ أنّ هذا قبل الإذن بالقتال. ولما أمرهم بأن ينسبوا الأعلمية بهم إليه تعالى أخبر بما هو أعم من ذلك قاصراً الخطاب على أعلم خلقه بقوله تعالى:
(٤/٢٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon