﴿و﴾ اذكر يا أشرف الخلق ﴿إذ قلنا لك إن ربك﴾ أي: المتفضل بالإحسان إليك بالرفق لأمتّك ﴿أحاط بالناس﴾ علماً وقدرة فهم في قبضته وقدرته لا يقدرون على الخروج من مشيئته فلا يقدرون على أمر من الأمور إلا بقضائه وقدره، وهو حافظك ومانعك منهم فلا تهتم باقتراحهم، وامض فيما أمرك به من تبليغ الرسالة فهو ينصرك ويقوّيك على ذلك كما وعدك بقوله تعالى: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ (المائدة، ٦٧)
وقيل: إن المراد بالناس أهل مكة بمعنى أنه يغلبهم ويقهرهم. روي أنه لما تزاحف الفريقان يوم بدر ورسول الله ﷺ في العريش مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه كان يدعو ويقول: «اللهمّ إني أسألك عهدك ووعدك ثم خرج وعليه الدرع يحرّض الناس ويقول: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ (القمر، ٤٥)
(٤/٢٤٥)
---
»
وكان ﷺ يقول حين ورد بدراً: «والله كأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يومئ إلى الأرض ويقول هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان» فتسامعت قريش بما أوحي إلى النبي ﷺ ثم عطف تعالى على ﴿وما نرسل بالآيات﴾ قوله تعالى: ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك﴾ أي: التي شاهدتها ليلة الإسراء ﴿إلا فتنة﴾ أي: امتحاناً واختباراً ﴿للناس﴾ لأنه ﷺ لما ذكر لهم قصة الإسراء كذبوه وكفر به كثير ممن كان قد آمن به وازداد المخلصون إيماناً فلهذا السبب كانت امتحاناً.
(٤/٢٤٦)
---


الصفحة التالية
Icon