---
من قال ذلك فإن الله تعالى قادر على أن يجعل الشجرة من جنس لا تأكله النار فهذا وبر السمندل وهو دويبة ببلاد الترك يتخذ منه مناديل إذا اتسخت طرحت في النار فيذهب الوسخ وبقيت سالمة لا تعمل فيها النار، وترى النعامة تبلع الجمر وتبلع الحديد الحمر بإحماء النار فلا يضرها ثم أقرب من ذلك أنه تعالى جعل في الشجر ناراً فما تحرقه قال تعالى: ﴿الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً﴾ (يس، ٨٠)
. فإن قيل: ليس في القرآن لعن هذه الشجرة؟ أجيب: عن ذلك بوجوه الأوّل المراد لعن الكفار الذين يأكلونها لأنّ الشجرة لا ذنب لها حتى تلعن على الحقيقة، وإنما وصفت بلعن أصحابها على المجاز. الثاني: أنّ العرب تقول لكل طعام ضار إنه ملعون. الثالث: أنّ اللعن في اللغة الإبعاد ولما كانت هذه الشجرة مبعدة عن صفات الخير سميت ملعونة، وقيل إنّ الشجرة الملعونة في القرآن هي اليهود لقوله تعالى: ﴿لعن الذين كفروا﴾ (المائدة، ٧٨)
الآية. وقيل: هي الشيطان. وقيل أبو جهل. وعن ابن عباس هي الكشوث التي تتلوى بالشجر تجعل في الشراب.
(٤/٢٤٨)
---