(٥/٩)
---
الله عنهم فخرجوا وقد رفع ذلك النعمان بن بشير وقد قدّمنا سبب نزول قصة أصحاب الكهف عند قوله تعالى: ﴿ويسألونك عن الروح﴾ (الإسراء، ٨٥).
وذكر محمد بن إسحاق سبب نزول هذه القصة مشروحاً فقال: كان النضر بن الحرث من شياطين قريش، وكان يؤذي رسول الله ﷺ وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث رستم واسفنديار، وكان رسول الله ﷺ إذا جلس مجلساً ذكر فيه الله تعالى وحذر قومه ما أصاب من كان قبلهم من الأمم، وكان النضر يخلفه في مجلسه إذا قام وقال: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثاً منه فهلموا فأنا أحدثكم بأحسن من حديثه ثم يحدّثهم عن ملوك فارس ثم قال: إنّ قريشاً بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفته فإنهم أهل الكتاب الأوّل وعندهم من العلم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار اليهود عن أحوال محمد فقال لهم اليهود سلوه عن ثلاثة؛ عن فتية ذهبوا في الدهر الأوّل فإن حديثهم عجيب. وعن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها. وسلوه عن الروح وما هي فإن أخبركم فهو نبيّ وإلا فهو متقول، فلما قدم النضر وصاحبه مكة قالا قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد وأخبراهم بما قالته اليهود، فجاؤوا رسول الله ﷺ وسألوه فقال رسول الله ﷺ «أخبركم بما سألتم عنه غداً»، ولم يستئن فانصرفوا عنه فمكث رسول الله ﷺ فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لم ينزل عليه وحي وشق عليه ذلك ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند الله بسورة أهل الكهف وفيها معاتبة الله تعالى إياه على جراءته عليهم وفيها خبر أولئك الفتية وخبر الرجل الطوّاف ثم بدأ بالفتية فقال:
(٥/١٠)
---