وقال ابن عباس: هربوا ليلاً من دقيانوس وكانوا سبعة، فمروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم وتبعه كلبه فخرجوا من البلد إلى الكهف وهو قريب من البلد قال ابن اسحق فلبثوا فيه ليس لهم عمل غير الصلاة و الصيام والتسبيح والتمجيد ابتغاء وجه الله تعالى وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم يقال له تمليخا فكان يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سراً وكان من أجملهم وأجلدهم وكان إذا دخل المدينة يضع ثياباً كانت عليه حساناً ويأخذ ثياباً كثياب المساكين الذين يستطعمون فيها ثم ياخذ وَرِقه وينطلق إلى المدينة فيشتري لهم طعاماً وشراباً ويتجسس لهم الخبر هل ذكروا أصحابه بشيء ثم يرجع إلى أصحابه فلبثوا في ذلك ما شاء الله أن يلبثوا ثم قدم دقيانوس المدينة وأمر عظماء أهلها أن يذبحوا للطواغيت ففزع من ذلك أهل الإيمان وكان تمليخا يشتري لأصحابه طعامهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل أخبرهم أنّ الجبار قد دخل المدينة وأنهم قد ذكروا والتمسوا من عظماء المدينة ففزعوا ووقعوا سجوداً يدعون ويتضرعون ويتعوذون من الفتنة ثم إن تمليخا قال لهم: يا إخوتاه ارفعوا رؤوسكم واطعموا وتوكلوا على ربكم، فرفعوا رؤوسهم وأعينهم تفيض من الدمع فطعموا ذلك مع غروب الشمس ثم جعلوا يتحدثون ويتدارسون ويذكر بعضهم بعضاً فينما هم كذلك إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف فأصابهم ما أصابهم وهم مؤمنون موقنون ونفقتهم عند رؤوسهم فلما كان الغد تفقدهم دقيانوس فالتمسهم فلم يجدهم فقال لبعض عظمائه وعظماء المدينة لقد ساءني شأن هؤلاء الفتية الذين ذهبوا، لقد كانوا ظنوا أن بي غضباً عليهم لجهلهم ما جهلوا من أمري ما كنت لأجهل عليهم إن هم تابوا وعبدوا آلهتي.g
(٥/١٣)
---