تنبيه: اختلف في مقدار مدّة التقليب، فعن أبي هريرة أنّ لهم في كل عام تقليبتين. وعن مجاهد يمكثون رقوداً على أيمانهم تسع سنين ثم ينقلبون على شمائلهم فيمكثون رقوداً تسع سنين وقيل لهم تقليبة واحدة يوم عاشوراء. قال الرازي: وهذه التقديرات لا سبيل للعقل إليها ولفظ القرآن لا يدل عليها وما جاء فيه خبر صحيح فكيف يعرف انتهى. ولهذا قلت بحسب ما ينفعهم. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فائدة تقلبهم لئلا تأكل الأرض لحومهم ولا ثيابهم اه. قال الرازي: وهذا أعجب من ذلك لأنه تعالى لما قدر على أن يمسك حياتهم ثلاثمائة سنة وأكثر أفلا يقدر على حفظ أجسادهم من غير تقليب اه. وهذا ليس بعجيب لأنّ القدرة صالحة لذلك وأكثر بحسب العادة، وأمّا إمساك أرواحهم فهو خرق للعادة فلا يقاس عليه. ﴿وكلبهم باسط ذراعيه﴾، أي: يديه، أي: ملقيهما على الأرض مبسوطتين غير مقبوضتين ومنه قوله ﷺ «اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب».
وقال المفسرون: كان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهما. تنبيه: باسط اسم فاعل ماض وإنما عمل على حكاية الحال والكسائيّ يعمله ويستشهد بالآية الكريمة وأكثر المفسرين على أنّ الكلب من جنس الكلاب. وروي عن ابن جريج أنه كان أسداً ويسمى الأسد كلباً فإنّ النبيّ ﷺ دعا على عتبة بن أبي لهب فقال: «اللهم سلط عليه كلباً من كلابك فافترسه الأسد». وقال ابن عباس: كان كلباً أغزّ واسمه قطمير وعن عليّ اسمه ريان واختلف في قوله تعالى: ﴿بالوصيد﴾ فقال ابن عباس: هو باب الكهف وقيل العتبة. قال السدي: والكهف لا يكون له باب ولا عتبة، وإنما أراد موضع الباب والعتبة وقال الزجاج: الوصيد فناء البيت وفناء الدار، قال الشاعر:
*بأرض فضاء لا يسدّ وصيدها
** عليّ ومعروفي بها غير منكر
(٥/٢٣)
---