﴿واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك﴾، أي: القرآن واتبع ما فيه واعمل بما فيه ﴿لا مبدّل لكلماته﴾، أي: لا أحد يقدر على تبديلها وتغييرها غيره، وقال بعضهم: مقتضى هذا أن لا يتطرق النسخ إليه وأجاب بأنّ النسخ في الحقيقة ليس تبديلاً لأنّ المنسوخ ثابت في وقته إلى وقت طريان الناسخ فالناسخ كالمغاير فكيف يكون تبديلاً وهذا لا يحتاج إليه مع التفسير المذكور ﴿ولن تجد من دونه﴾، أي: الله ﴿ملتحداً﴾، أي: ملجأً في البيان والإرشاد وقيل إن لم تتبع القرآن. ونزل في عيينة بن حصن الفزاري لما أتى النبيّ ﷺ قبل أن يسلم وعنده جماعة من الفقراء فيهم سلمان الفارسي وعليه شملة قد عرق فيها وبيده خوص يشقه ثم ينسجه فقال له: أما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر وأشرافها فإن أسلمنا أسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء، أي: كما قال قوم نوح: ﴿أنؤمن لك وأتبعك الأرذلون﴾ (الشعراء، ١١١)
فنحهم حتى نتبعك أو اجعل لنا مجلساً واجعل لهم مجلساً.
﴿واصبر نفسك﴾، أي: احبسها وثبتها﴿مع الذين يدعون ربهم﴾ ونظير هذه الآية قد سبق في سورة الأنعام وهو قوله تعالى: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه﴾ (الأنعام، ٥٢)
(٥/٥٨)
---


الصفحة التالية
Icon