. فإذا استغاثوا من حرّ جهنم صب عليهم القطران الذي يعمّ كل أبدانهم كالقميص. والصفة الثانية للماء: قوله تعالى: ﴿يشوي الوجوه﴾، أي: إذا قرب إلى الفم ليشرب فكيف بالفم والجوف ثم وصل تعالى بذلك ذمّه فقال تعالى: ﴿بئس الشراب﴾، أي: ذلك الماء الذي هو كالمهل لأنّ المقصود من شرب الشراب تسكين الحرارة وهذا يبلغ في إحراق الإنسان مبلغاً عظيماً ثم عطف عليه ذمّ النار المعدّة لهم بقوله تعالى: ﴿وساءت﴾، أي: النار وقوله تعالى: ﴿مرتفقاً﴾ تمييز منقول من الفاعل، أي: قبح مرتفقها وهو مقابل لقوله تعالى الآتي في الجنة: ﴿وحسنت مرتفقاً﴾ وإلا فأي ارتفاق في النار. ولما ذكر تعالى وعيد المبطلين أردفه بوعد المحقين فقال تعالى:
﴿إنّ الذين آمنوا﴾ ولما كان الإيمان هو الإذعان للأوامر عطف عليه ما يحقق ذلك بقوله تعالى: ﴿وعملوا الصالحات﴾ ثم عظم جزاءهم بقوله تعالى: ﴿إنا لا نضيع﴾، أي: بوجه من الوجوه ﴿أجر من أحسن عملاً﴾ وهذه الجملة خبر إن الذين وفيها إقامة الظاهر مقام المضمر والمعنى أجرهم، أي: نثيبهم بما تضمنه.
﴿أولئك لهم جنات عدن﴾، أي: إقامة فكأنه قيل فما لهم فيها فقيل: ﴿تجري من تحتهم﴾، أي: من تحت منازلهم ﴿الأنهار﴾ وذلك لأنّ أفضل المساكن ما كان تجري فيه الأنهار أو الماء فكأنه قيل ثم ماذا فقيل: ﴿يحلون فيها﴾ وبنى الفعل المجهول لأنّ المقصود وجود التحلية وهي لعزتها إنما يؤتى بها من الغيب فضلاً من الله تعالى.
(٥/٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon