﴿وما أظنّ الساعة قائمة﴾، أي: كائنة استلذاذاً بما هو فيه وإخلاداً إليه واعتماداً عليه وقوله: ﴿ولئن رددت إلى ربي﴾ المحسن إليّ في هذه الدار في الساعة إقسام منه على أنه إن ردّ إلى ربه على سبيل الفرض والتقدير وعلى ما يزعم صاحبه أنّ الساعة قائمة ﴿لأجدنّ خيراً منها﴾، أي: من هذه الجنة ﴿منقلباً﴾، أي: مرجعاً لأنه لم يعطني الجنة في الدنيا إلا ليعطيني في الآخرة أفضل منها قال ذلك طمعاً وتمنياً على الله وادعاء لكرامته عليه ومكانته عنده، وأنه ما أولاه الجنتين إلا لاستحقاقه واستئهاله وأنّ معه هذا الاستحقاق أينما توجه كقوله: أنّ لي عنده الحسنى لأوتين مالاً وولداً.
﴿قال له صاحبه﴾، أي: المؤمن ﴿وهو﴾، أي: والحال أنّ ذلك الصاحب ﴿يحاوره﴾، أي: يراجعه منكراً عليه ﴿أكفرت بالذي خلقك من تراب﴾، أي: خلق أصلك آدم من تراب لأنّ خلق أصله سبب في خلقه فكان خلقه خلقاً له ﴿ثم من نطفة﴾ متولدة من أغذية أصلها تراب هي مادّتك القريبة ﴿ثم سوّاك﴾، أي: عدلك بعد أن أولدك وطورك في أطوار النشأة ﴿رجلاً﴾، أي: كملك إنساناً ذكراً بالغاً مبلغ الرجال جعل كفره بالبعث كفراً بالله تعالى لأنّ منشأه الشك في كمال قدرة الله تعالى ولذلك ترتب الإنكار على خلقه إياه من التراب، فإنّ من قدر على بدء خلقه مرّة قدر على أن يعيده منه، ولما أنكر على صاحبه أخبر عن اعتقاده بما يضاد اعتقاد صاحبه، فقال مؤكداً لأجل إنكار صاحبه مستدركاً لأجل كفرانه.
(٥/٧٠)
---
﴿لكنا﴾ أصله لكن أنا نقلت حركة الهمزة إلى النون وحذفت الهمزة ثم أدغمت النون في مثلها كما قال القائل:
*وترمينني بالطرف، أي: أنت مذنب
** وتقلينني لكنّ إياك لا أقلي
(٥/٧١)
---


الصفحة التالية
Icon