﴿ووضع﴾ بعد العرض المستعقب للجمع بأدنى إشارة ﴿الكتاب﴾ المضبوط فيه دقائق الأعمال وجلائلها على وجه بيّن لا يخفي على قارئ ولا غيره شيء منه، فيوضع كتاب كل إنسان في يده، إما في اليمن وإما في الشمال والمراد الجنس وهو صحف الأعمال ﴿فترى المجرمين مشفقين﴾ أي: خائفين خوف العقاب من الحق وخوف الفضيحة من الخلق ﴿مما فيه﴾ من قبائح أعمالهم وسيء أفعالهم وأقوالهم ﴿ويقولون﴾ عند معاينتهم ما فيه من السيآت وقولهم ﴿يا﴾ للتنبيه ﴿ويلتنا﴾ أي: هلكتنا وهو مصدر لا فعل له من لفظه كناية عن أنه لا نديم لهم إذ ذاك إلا الهلاك ﴿مال هذا الكتاب﴾ أي: أيّ شيء له حال كونه على غير حال الكتب في الدنيا ﴿لا يغادر﴾ أي: لا يترك ﴿صغيرة ولا كبيرة﴾ من ذنوبنا وقال ابن عباس الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة، وقال سعيد بن جبير الصغيرة اللمم والمسيس والقبلة والكبيرة الزنا ﴿إلا أحصاها﴾ أي: عدّها وأثبتها في هذا الكتاب، ونظيره قوله تعالى: ﴿وإنّ عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون﴾ (الإنفطار: ١٠، ١١، ١٢)
وقوله تعالى: ﴿إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون﴾ (الجاثية، ٢٩)
(٥/٨٥)
---