(٥/١١٠)
---
السفينة يؤدي إلى إتلاف نفوس كثيرة وهذا القتل ليس إلا إتلاف شخص واحد، وقرأ نافع وابن ذكوان وشعبة برفع الكاف والباقون بكسونها.
ولما كانت هذه ثانية.
﴿قال﴾ له الخضر: ﴿ألم أقل لك إنك﴾ يا موسى ﴿لن تستطيع معي صبراً﴾ وهذا عين ما ذكره في المسألة الأولى إلا أنه هنا زاد لفظه لك ﴿فإن قيل﴾ لم زادها هنا؟ أجيب: بأنه زادها مكافحة بالعقاب على رفض الوصية ووسماً بقلة الصبر والثبات لما تكرر منه الاشمئزاز والاستكبار ولم يرعو بالتذكير أول مرّة، قال ابن الأثير: المكافحة المدافعة والمضاربة والاشمئزاز من اشمأز الرجل أي: انقبض قلبه، قال البغوي: وفي القصة أن يوشع كان يقول لموسى يا نبيّ اللّه اذكر العهد الذي أنت عليه
﴿قال﴾ موسى حياءً منه لما أفاق بتذكيره ما حصل من فرط الوجد لأمر اللّه تعالى فذكر أنه ما تبعه إلا بأمر اللّه تعالى ﴿إن سألتك عن شيء بعدها﴾ أي: بعد هذه المرّة وأعلم بشدّة ندمه على الإنكار بقوله: ﴿فلا تصاحبني﴾ أي: لا تتركني أتبعك بل فارقني ثم علل ذلك بقوله: ﴿قد بلغت﴾ وأشار إلى أن ما وقع منه من الإخلال بالشرط من أعظم الخوارق التي اضطر إليها فقال: ﴿من لدني﴾ أي: من قبلي ﴿عذراً﴾ باعتراضي مرّتين واحتمالك لي فيهما، وقد أخبر اللّه بحسن حالك في غزارة عملك فمدحه بهذه الطريقة من حيث أنه احتمله مرّتين أوّلاً وثانياً مع قرب المدّة روى عن النبي ﷺ أنه قال: «رحم اللّه أخي موسى استحيا فقال ذلك، ولو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب» وعن أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللّه ﷺ «رحمة اللّه علينا وعلى موسى ـ وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه ـ لولا أن عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة أي: حياء واشفاق، فقال: إن سألتك إلى آخره»، وقرأ نافع بضم الدال وتخفيف النون، وقرأ شعبة كذلك إلا أنه يشم الدال فتصير ساكنة قريبة من الضم والباقون بضم الدال وتشديد النون.