وقوله تعالى: ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ (فصلت، ١١)، قال الزمخشري ولقد بلغني أن بعض المحرفين لكلام اللّه تعالى ممن لا يعلم كان يجعل الضمير للخضر، وقيل: إن اللّه تعالى خلق للجدار حياة وإرادة كالحيوان ﴿فأقامه﴾ أي: سواه، وفي حديث أبيّ بن كعب عن النبي ﷺ «فقال الخضر بيده فأقامه»، وقال ابن عباس: هدمه وقعد يبنيه، وقال سعيد بن جبير: مسح الجدار بيده فاستقام وذلك من معجزاته، وقال السدي: بلّ طيناً وجعل يبني الحائط فشق ذلك على موسى عليه السلام فإن قيل: الضيافة من المندوبات فتركها ترك مندوب وذلك غير منكر فكيف يجوز من موسى عليه السلام مع علو منصبه أنه غضب عليهم الغضب الشديد الذي لأجله ترك العهد الذي التزمه في قوله: ﴿إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني﴾ وأيضاً مثل الغضب لأجل ترك الأكل في ليلة واحدة لا يليق بأدون الناس فضلاً عن كليم اللّه تعالى أجيب: بأن تلك الحالة كانت حالة افتقار واضطرار إلى الطعام فلأجل تلك الضرورة نسي موسى عليه السلام ما قاله فلا جرم ﴿قال﴾ موسى: ﴿لو شئت لاتخذت عليه أجراً﴾ أي: لطلبت على عملك أجرة تصرفها في تحصيل المطعوم وتحصيل سائر المهمات، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف التاء بعد اللام وكسر الخاء، وأظهر ابن كثير الذال عند التاء على أصلها، وأدغمها أبو عمرو والباقون بتشديد التاء وفتح الخاء، وأظهر حفص الذال على أصله وأدغمها الباقون.
ولما كان كلام موسى هذا متضمناً للسؤال.
(٥/١١٤)
---


الصفحة التالية
Icon