﴿أما السفينة﴾ أي: التي أحسن إلينا أهلها فخرقتها ﴿فكانت لمساكين﴾ عشرة إخوة خمسة زمني وخمسة ﴿يعملون في البحر﴾ أي: يؤاجرون ويكتسبون، واحتج الشافعي رضي اللّه عنه بهذه الآية على أن حال الفقير أشدّ في الحاجة والضرر من حال المسكين لأن اللّه تعالى سماهم مساكين مع أنهم كانوا يملكون تلك السفينة ﴿فأردت أن أعيبها﴾ أي: أن أجعلها ذات عيب بأن تفوت منفعتها بذلك ساعة من نهار وتكلف أهلها لوحاً أو لوحين يسدونها بذلك أخف عليهم من أن تفوتهم منفعتها بالكلية كما يعلم من قوله: ﴿وكان وراءهم﴾ أي: أمامهم كقوله تعالى: ﴿ومن ورائهم برزخ﴾ (المؤمنين، ١٠٠)
(٥/١١٦)
---
وقيل خلفهم، وكان طريقهم في رجوعهم عليه ﴿ملك﴾ كان كافراً واسمه الجلندي، وقال محمد بن إسحاق اسمه سولة بن خليد الأزدي، وقيل: اسمه هدد بن بدد ﴿يأخذ كل سفينة﴾ أي: صالحة وحذف التقييد بذلك للعلم به ﴿غصباً﴾ من أصحابها ولم يكن عند أصحابها علم به فإذا مرّت به تركها لعيبها فإذا جاوزته أصلحوها فانتفعوا بها قيل: سدوها بقارورة وقيل: بالفار فإن قيل: قوله: فأردت أن أعيبها مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب فلم قدّم عليه؟ أجيب: بأن النية به التأخير وإنما قدم للعناية ولأنّ خوف الغصب ليس هو السبب وحده ولكن مع كونها للمساكين، فلما كان كل من الغصب والمسكنة سبب الفعل قدمها على الغصب إشارة إلى أن أقوى السببين الحاملين على فعله الرأفة بالمساكين. ثم شرع في تأويل المسألة الثانية بقوله: