﴿إنا مكنا له في الأرض﴾ وحمل على التمكين في الدنيا والتمكين الكامل في الدين هو النبوّة، الثاني: قوله تعالى: ﴿وآتيناه من كل شيء سبباً﴾ وهذا يدل على أنه تعالى آتاه من النبوّة سبباً، الثالث: قوله تعالى: ﴿يا ذا القرنين إما أن تعذب﴾ الخ والذي يتكلم اللّه معه لا بد أن يكون نبياً ومنهم من قال: إنه كان عبداً صالحاً ملكه اللّه تعالى الأرض وأعطاه اللّه سبحانه وتعالى الملك والحكمة وألبسه الهيبة وقد قالوا: ملك الأرض مؤمنان ذوالقرنين وسليمان وكافران نمروذ وبختنصر ومنهم من قال: إنه كان ملكاً من الملائكة، عن عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه سمع رجلاً يقول: يا ذا القرنين فقال: اللهم غفراً أما رضيتم أن تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة، والأكثر على القول الثاني، ويدل له قول عليّ رضي اللّه تعالى عنه المتقدم.
تنبيه: قد قدّمنا أنّ اليهود أمروا المشركين أن يسألوا رسول اللّه ﷺ عن قصة أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وعن الروح، والمراد من قوله تعالى: ﴿ويسألونك عن ذي القرنين﴾ هو ذلك السؤال، ثم قال اللّه تعالى: ﴿قل﴾ أي: لهؤلاء المتعنتين ﴿سأتلو﴾ أي: أقص قصاً متتابعاً في مستقبل الزمان أعلمني اللّه تعالى به ﴿عليكم﴾ أي: أيها البعداء، والضمير في قوله تعالى: ﴿منه﴾ لذي القرنين وقيل للّه تعالى ﴿ذكراً﴾ أي: خبراً كافياً لكم في تعرّف أمره جامعاً لمجامع ذكره
﴿إنا مكنا له في الأرض﴾ أي: مكنا له أمره من التصرّف فيها مكنة يصل بها إلى جميع مسالكها ويظهر بها على سائر ملوكها ﴿وآتيناه﴾ بعظمتنا ﴿من كل شيء﴾ يحتاج إليه في ذلك ﴿سبباً﴾ أي: وصله توصله إليه من العلم والقدرة والآلة
(٥/١٢٦)
---


الصفحة التالية
Icon