---
القرنين} إما بوّاسطة الملك إن كان نبياً أو بواسطة نبي زمانه إن لم يكن أو باجتهاد في شريعته ﴿إمّا أن تعذب﴾ بالقتل على كفرهم ﴿وإمّا أن تتخذ﴾ أي: بغاية جهدك ﴿فيهم حسناً﴾ بالإرشاد وتعليم الشرائع، وقيل: خيره بين القتل والأسر وسماه حسناً في مقابلة القتل ويؤيد الأوّل قوله ﴿قال أمّا من ظلم﴾ باستمراره على الكفر فإنا نرفق به حتى نيأس منه ثم نقتله وإلى ذلك أشار بقوله: ﴿فسوف نعذبه﴾ بوعد لا خلف فيه بعد طول الدعاء والترفق، وقال قتادة كان يطبخ من كفر في القدور وهو العذاب المنكر ﴿ثم يردّ إلى ربه﴾ في الآخرة ﴿فيعذبه عذاباً نكراً﴾ أي: شديداً جداً في النار وتقدّم في نكراً سكون الكاف وضمها
﴿وأما من آمن وعمل صالحاً﴾ تصديقاً لما أخبر به من تصديقه ﴿فله﴾ في الدارين ﴿جزاء الحسنى﴾ أي: الجنة، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بفتح الهمزة بعد الزاي منوّنة وتكسر في الوصل لالتقاء الساكنين، قال الفراء: نصبه على التفسير أي: لجهة النسبة، وقيل: منصوب على الحال أي: فله المثوبة الحسنى مجزياً بها، والباقون بضم الهمزة من غير تنوين فالإضافة للبيان، قال المفسرون: والمعنى على قراءة النصب فله الحسنى جزاء كما تقول له هذا الثوب هبة، وعلى قراءة الرفع وجهان، الأول: فله جزاء الفعلة الحسنى والفعلة الحسنى هي الإيمان والعمل الصالح، والثاني: فله جزاء المثوبة الحسنى وإضافة الموصوف إلى الصفة مشهورة كقوله: ولدار الآخرة، وأمال ألف الحسنى حمزة والكسائي محضة وأبو عمرو بين بين وورش بالفتح والإمالة بين بين ﴿وسنقول﴾ بوعد لا خلف فيه بعد اختباره بالأعمال الصالحة ﴿له﴾ أي: لأجله ﴿من أمرنا﴾ أي: ما نأمره به ﴿يسراً﴾ أي: قولاً غير شاق من الصلاة والزكاة والخراج والجهاد وغيرها وهو ما يطيقة ولا يشق عليه مشقة كثيرة
﴿ثم أتبع﴾ لإرادة طلوع مشرق الشمس ﴿سبباً﴾ من جهة الجنوب يوصله إلى المشرق واستمر فيه لا يمل ولا تغلبه أمة مرّ عليها
(٥/١٢٨)
---