﴿كذلك﴾ فيه وجوه؛ الأول: أن معناه كما بلغ مغرب الشمس كذلك بلغ مطلعها، الثاني: أن أمره كما وصفناه من رفعة المكان وبسطة الملك، قال البغوي: والصحيح أن معناه كما حكم في القوم الذين هم عند غروب الشمس كذلك في القوم الذين هم عند مطلعها ﴿وقد أحطنا بما لديه﴾ أي: عند ذي القرنين من الآلات والجند وغيرهما ﴿خبراً﴾ أي: علماً تعلق بظواهره وخفاياه والمعنى أن كثرة ذلك بلغت مبلغاً لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير
﴿ثم﴾ إن ذا القرنين لما بلغ المغرب والمشرق ﴿أتبع سبباً﴾ آخر من جهة الشمال في إرادة ناحية السدّ مخرج يأجوج ومأجوج واستمر آخذاً فيه
(٥/١٣٠)
---
﴿حتى إذا بلغ﴾ في مسيره ذلك ﴿بين السدّين﴾ أي: بين الجبلين وهما جبلا أرمينية وأذربيجان وقيل: جبلان في أواخر الشمال، وقيل: هذا المكان في منقطع بلاد الترك من ورائهما يأجوج ومأجوج، قال الرازي: والأظهر أن موضع السد في ناحية الشمال سد الاسكندر ما بينهما كما سيأتي، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص بفتح السين والباقون بضمها وهما لغتان معناهما واحد، وقال عكرمة: ما كان من صنع بني آدم فهو السد بالفتح وما كان من صنع اللّه فهو بالضم وقاله أبو عمرو وقيل بالعكس ﴿وجد من دونهما﴾ أي: بقربهما من الجانب الذي هو أدنى منهما إلى الجهة التي أتى منها ذو القرنين ﴿قوماً﴾ أي: أمة من الناس لغتهم في غاية البعد من لغات بقية الناس لبعد بلادهم عن بقية البلاد فهم كذلك ﴿لا يكادون﴾ أي: لا يقربون ﴿يفقهون﴾ أي: يفهمون ﴿قولاً﴾ ممن مع ذي القرنين فهماً جيداً كما يفهم غيرهم لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم، وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وكسر القاف والباقون بفتحهما، وقال ابن عباس: لا يفقهون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم واستشكل بقولهم:
(٥/١٣١)
---


الصفحة التالية
Icon