تنبيه: سمياً مأخوذ من السمّو وفيه دلالة لقول البصريين إن الاسم من السمو، ولو كان من الوسم لقيل وسيماً، وقال سعيد بن جبير وعطاء: لم نجعل له شبهاً ومثلاً كما قال تعالى: ﴿هل تعلم له سمياً﴾ أي: مثلاً والمعنى أنه لم يكن له مثل لأنه لم يعص ولم يهمّ بمعصية قط، وردّ هذا لأن هذا يقتصي تفضيله على الأنبياء قبله كإبراهيم وموسى وليس كذلك، وقيل: لم يكن له ميل إلى أمر النساء لأنه كان سيداً وحصوراً، وعن ابن عباس لم تلد العواقر مثله ولداً، ثم كأنه قيل: فما قال في جواب هذه البشارة العظيمة؟ فقيل:
﴿قال﴾ عالماً بصدقها طالباً لتأكيدها وللتلذذ بترديدها وهل ذلك من امرأته أو من غيرها؟ وهل إذا كان منها يكونان على حالتهما من الكبر أو غيرها غير طائش ولا عجل؟ ﴿رب﴾ أيها المحسن إليّ بإجابة الدعاء دائماً ﴿أنّى﴾ أي: من أين وكيف وعلى أي: حال ﴿يكون لي غلام﴾ يولد في غاية القوة والنشاط والكمال في الذكورة ﴿وكانت﴾ أي والحال أنه كانت ﴿امرأتي﴾ إذ كانت شابة ﴿عاقراً﴾ غير قابلة للولد وأنا وهي شابان فلم يأتنا ولد لاختلال أحد السبيلين فكيف بها وقد أيست؟ قال الجلال المحلي: بلغت ثماناً وتسعين سنة ﴿وقد بلغت﴾ أنا ﴿من الكبر عتياً﴾ من عتا يبس أي: نهاية السنّ، قال الجلال المحلي: مائة وعشرين سنة وبما تقرر سقط ما قيل لم تعجب زكريا عليه السلام بقوله: أنى يكون لي غلام مع أنه هو الذي طلب الغلام، وقرأ حفص وحمزة والكسائي عتياً وصلياً وجثياً بكسر عين الأوّل وصاد الثاني وجيم الثالث وضم الباقون، وأما بكياً فكسر الباء الموحدة حمزة والكسائي وضمها الباقون، وأصل عتي عتو وكسرت التاء تخفيفاً وقلبت الواو الأولى ياء لمناسبة الكسرة، والثانية ياء لتدغم فيها وإنما استعجب للولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافاً بأن المؤثر فيه كامل القدرة وأن الوسايط عند المحققين ملغاة ولذلك
(٥/١٥٥)
---


الصفحة التالية
Icon