قال الفراء: تقول العرب: هزه وهزيه وخذ الخطام وخذ بالخطام وزوجتك فلانة وبفلانة، وقال الأخفش: يجوز أن يكون على معنى هزي إليك رطباً بجذع النخلة أي: على جذعها ورطباً تمييز وجنياً صفته والرطب اسم جنس بخلاف تخم فإنه جمع لتخمة والفرق: أنهم التزموا تذكيره فقالوا: هو الرطب وتأنيث ذلك فقالوا: هي التخم فذكروا الرطب باعتبار الجنس وأنثوا التخم باعتبار الجمعية، قال ابن عادل: وهو فرق لطيف والرطب ما قطع قبل يبسه وجفافه وخص الرطب بالذكر قال الربيع بن خيثم: ما للنفساء عندي خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وهذه الأفعال الخارقة للعادة كرامات لمريم أو إرهاص لعيسى، وفي ذلك تنبيه على أنّ من قدر أن يثمر النخلة اليابسة في الشتاء قدر أن يحبلها من غير فحل وتطييب لنفسها فلذلك قال:
﴿فكلي﴾ أي: من الرطب ﴿واشربي﴾ من السري أو كلي من الرطب واشربي من عصيره، ﴿وقرّي عيناً﴾ أي: وطيبي نفسك وارفضي عنها ما أحزنها، وقدّم الأكل على الشرب لأن حاجة النفساء إلى الرطب أشدّ من احتياجها إلى شرب الماء لكثرة ما سال منها من الدم.
فإن قيل: إن مضرة الخوف أشدّ من مضرة الجوع والعطش لأن الخوف ألم الروح والجوع ألم البدن وألم الروح أقوى من ألم البدن، روي أنه أجيعت شاة فقدّم إليها علف وعندها ذئب فبقيت الشاة مدّة مديدة لا تتناول العلف مع جوعها خوفاً من الذئب، ثم كسر رجلها وقدم إليها العلف فتناولت العلف مع ألم البدن فدل ذلك على أن ألم الخوف أشدّ من ألم البدن، وإذا كان كذلك فلم قدّم ضرر الجوع والعطش على دفع ضرر الخوف؟
(٥/١٧٠)
---