﴿ما كان﴾ أي: ما صح ولا يتأتى ولا يتصوّر في العقول ولا يصح ولا يأتي لأنه من المحال لكونه يلزم منه الحاجة ﴿لله﴾ الغني عن كل شيء ﴿أن يتخذ من ولد﴾ وأكده بمن لأنّ المقام يقتضي النفي العام، ولما كان اتخاذ الولد من النقائص أشار إلى ذلك بالتنزيه العام بقوله تعالى: ﴿سبحانه﴾ أي: تنزه عن كل نقص أي: من احتياج إلى ولد أو غيره ثم علل ذلك بقوله عز وجل ﴿إذا قضى أمراً﴾ أي: أيّ أمر كان أي: أراد أن يحدثه ﴿فإنما يقول له كن﴾ أي: يريده ويعلق قدرته به وقوله تعالى: ﴿فيكون﴾ قرأه ابن عامر بنصب النون بتقدير أن أو على الجواب والباقون بالرفع بتقدير هو وقوله:
﴿وإنّ الله ربي وربكم﴾ إخبار عن عيسى عليه السلام أنه قال ذلك وقرأ ابن عامر والكوفيون بكسر الهمزة على الاستئناف والباقون بفتحها بتقدير حذف حرف الجرّ متعلق بما بعده والتقدير ولأنّ الله ربي وربكم ﴿فاعبدوه﴾ وحده لتفرده بالإحسان كما أعبده كقوله تعالى: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً﴾ (الحجر، ١٨)، والمعنى لوحدانيته أطيعوه وقيل: إنه عطف على الصلاة والتقدير وأوصاني بالصلاة وبأنّ الله وإليه ذهب الفراء ﴿هذا﴾ أي: الذي أمرتكم به ﴿صراط﴾ أي: طريق ﴿مستقيم﴾ أي: يقود إلى الجنة وقرأ قنبل بالسين وخلف بإشمام الصاد والباقون بالصاد الخالصة، واختلف في قوله تعالى:
﴿فاختلف الأحزاب من بينهم﴾ فقيل هم النصارى واختلافهم في عيسى أهو ابن الله أو إله معه أو ثالث ثلاثة وسموا أحزاباً لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى النسطورية والملكانية واليعقوبية، وقيل: هم اليهود والنصارى فجعله بعضهم ولداً وبعضهم كذاباً، وقيل: هم الكفار الشامل لليهود والنصارى وغيرهم من الذين كانوا في عهد النبيّ ﷺ قال ابن عادل: وهذا هو الظاهر لأنه لا تخصيص فيه ويؤيده قوله تعالى: ﴿فويل للذين كفروا﴾ أي: شدّة عذاب لهم ﴿من مشهد يوم عظيم﴾ أي: حضور يوم القيامة وأهواله وقوله تعالى:
(٥/١٨٠)
---


الصفحة التالية
Icon