﴿وكان يأمر أهله بالصلاة﴾ أي: التي هي طهرة البدن وقرّة العين وخير العون على جميع المآرب ﴿والزكاة﴾ أي: التي هي طهرة المال كما أوصى الله تعالى بذلك جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمراد بالأهل قومه، وقيل: أهله جميع أمته كان رسولاً إلى جرهم قاله الأصفهاني وإلى أهل تلك البراري بدين أبيه إبراهيم والمراد بالصلاة قال ابن عباس: يريد التي افترضها الله تعالى عليهم قال البغوي وهي الحنيفية التي افترضت علينا قيل كان يبدأ بأهله في الأمر بالعبادة ليجعلهم قدوة لمن سواهم كما قال تعالى: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ (الشعراء، ٢١٤)
﴿وأمر أهلك بالصلاة﴾ (طه، ١٣٢)
﴿قوا أنفسكم وأهليكم ناراً﴾ (التحريم، ٦)
وبالزكاة قال ابن عباس إنها طاعة الله والإخلاص فكأنه تأوّله على ما يزكو به الفاعل عند ربه تعالى والظاهر كما قال ابن عادل إنّ الزكاة إذا قرنت بالصلاة أن يراد بها الصدقات الواجبة.
رابعها: قوله تعالى: ﴿وكان عند ربه﴾ بعبادته على حسب ما أمره به ﴿مرضياً﴾ وهذا في نهاية المدح لأنّ المرضي عند الله هو الفائز في كل طاعة بأعلى الدرجات فاقتد أنت به فإنه من أجلّ آبائك لتجمع بين طهارة القول والبدن والمال فتنال رتبة الرضا.
القصة السادسة: قصة إدريس عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
(٥/١٩٤)
---
﴿واذكر في الكتاب﴾ أي: الجامع لكل ما يحتاج إليه حتى ما يحتاج إليه من قصص المتقدّمين والمتأخرين ﴿إدريس﴾ وهو جدّ أبي نوح عليه السلام قيل: سمي إدريس لكثرة دراسته الكتب واسمه أحنوخ بمهملة ونون وآخره خاء معجمة وصفه الله تعالى بأمور أحدها: وثانيها: قوله تعالى: ﴿إنه كان صدّيقاً نبياً﴾ أي: صادقاً في أفعاله وأقواله ومصدّقاً بما آتاه الله من آياته وعلى ألسنة الملائكة، ثالثها: قوله تعالى:
﴿ورفعناه مكاناً علياً﴾ وفيه قولان:
أحدهما: أنه من رفع المنزلة كقوله تعالى للنبيّ ﷺ ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾ (الإنشراح، ٤٠)
(٥/١٩٥)
---