وهو أهون عليه وقرأ نافع وابن عامر وعاصم بسكون الذال وضم الكاف مخففة والباقون بفتح الذال مشدّدة وكذا الكاف.
فإن قيل: كيف أمر الله الإنسان بالتذكر مع أنّ التذكر هو العلم بما علمه من قبل ثم تخللهما سهو؟ أجيب: بأنّ المراد أولاً يتفكر فيعلم خصوصاً إذا قرئ أولا يذكر مشدّداً، أمّا إذا قرئ مخففاً فالمراد أولاً يعلم ذلك من حال نفسه لأنّ كل أحد يعلم أنه لم يكن حياً في الدنيا ثم صار حياً. ثم إنه تعالى لما قرّر المطلوب بالدليل أردفه بالتهديد من وجوه أوّلها قوله تعالى:
﴿فوربك﴾ أي: المحسن إليك بالانتقام منهم ﴿لنحشرنهم﴾ بعد البعث ﴿والشياطين﴾ الذين يضلونهم بأن نحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة وفائدة القسم أمران:
أحدهما: أن العادة جارية بتأكيد الخبر باليمين والثاني: في إقسام الله باسمه مضافاً إلى رسول الله ﷺ تفخيم لشأنه ورفع منه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله تعالى: ﴿فورب السماء والأرض أنه لحق﴾ (الذاريات، ٢٣)
والواو في والشياطين يجوز أن تكون للعطف وبمعنى مع وهو أولى. ثانيها: قوله تعالى ﴿ثم لنحضرنهم﴾ بعد طول الوقوف ﴿حول جهنم﴾ من خارجها ليشاهد السعداء الأحوال التي نجاهم الله تعالى منها وخلصهم فيزدادوا لذلك غبطة إلى غبطتهم وسروراً إلى سرورهم ويشمتوا بأعداء الله وأعدائهم فتزداد مساءتهم وحسرتهم وما يغبطهم من سعادة أولياء الله وشماتتهم بهم وقوله تعالى ﴿جثياً﴾ حال مقدرة من مفعول لنحضرنهم وهو جمع جاث جمع على فعول نحو قاعد وقعود وجالس وجلوس وأصله جثوو بواوين أو جثوى من جثاً يجثو ويجثى لغتان.
فإن قيل: هذا المعنى حاصل للكل بدليل قوله تعالى: ﴿وترى كل أمّة جاثية﴾ (الجاثية، ٢٨)
(٥/٢٠٧)
---


الصفحة التالية
Icon