تنبيه: أطلق الإنعام ليشمل كل إنعام لأنّ من أنعم الله عليه بنعمة الإسلام لم تبق نعمة إلا أصابته واشتملت عليه ويبدل من الذين بصلته. ﴿غير المغضوب عليهم﴾ وهم اليهود، لقوله تعالى: ﴿فيهم من لعنه الله وغضب عليه﴾ (المائدة، ٦٠) ﴿ولا﴾ أي: وغير ﴿الضالين﴾ وهم النصارى، لقوله تعالى: ﴿قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا﴾ (المائدة، ٧٧) الآية، ونكتة البدل إفادة أنّ المهتدين ليسوا يهوداً ولا نصارى وقيل: إنّ غير صفة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله تعالى والضلال، وقيل: المغضوب عليهم هم الكفار والضالون هم المنافقون، وذلك لأنه تعالى بدأ في أوّل البقرة بذكر المؤمنين والثناء عليهم في خمس آيات ثم أتبعه بذكر الكفار وهو المراد من قوله تعالى: ﴿إنّ الذين كفروا﴾ (البقرة، ٦) ثم أتبعهم بذكر المنافقين وهو قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يقول آمنا با﴾ (البقرة، ٨) إلخ.. وكذا ههنا بدأ بذكر المؤمنين وهو قوله: ﴿أنعمت عليهم﴾ ثم أتبعهم بذكر الكفار وهو قوله ﴿غير المغضوب عليهم﴾ ثم أتبعهم بذكر المناففين بقوله: ﴿ولا الضالين﴾.
فإن قيل: كيف صح أن يقع غير صفة للمعرفة وهو لا يتعرّف وإن أضيف إلى المعارف؟ أجيب: بأنه يصح بأحد تأويلين؛ أحدهما: إجراء الموصول مجرى النكرة إذ لم يقصد به معهود كالمحلى باللام في قول القائل:
*ولقد أمرّ على اللئيم يسبني
أي: لئيما يسبني إذ لا مرور على الكل، والثاني: جعل غير معرفة بالإضافة لأنه أضيف إلى ما له ضدّ واحد وهو المنعم عليه فليس في غير إذن الإبهام الذي يأبى عليه أن يتعرّف.
(١/٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon