تنبيه: ولتصنع معطوف على علة مضمرة مثل ليتلطف بك ولتصنع أو على الجملة السابقة بإضمار فعل معلل مثل فعلت ذلك، وقرأ بفتح الياء نافع وابن كثير وأبو عمرو وسكنها الباقون. المنة الرابعة قوله تعالى:
﴿إذ تمشي أختك﴾ والعامل في إذ ألقيت أو تصنع ويجوز أن يكون بدلاً من إذ أوحينا واستشكل بأنّ الوقتين مختلفان متباعدان وأجيب: بأنه يصح مع اتساع الوقت كما يصح أن يقول لك الرجل لقيت فلاناً سنة كذا فتقول وأنا لقيته إذ ذاك وربما لقيه هو في أوّلها وأنت في آخرها ﴿فتقول هل أدلكم على من يكفله﴾ يروى أنّ أخته واسمها مريم جاءت متعرفة خبره فصادفتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة فقالت لهم ذلك فقالوا نعم فجاءت بالأمّ فقبل ثديها فذلك قوله تعالى: ﴿فرجعناك إلى أمّك كي تقرّ عينها﴾ بلقائك ورؤيتك ﴿ولا تحزن﴾ أي: هي بفراقك أو أنت بفراقها وفقد إشفاقها ويروى أن آسية استوهبته من فرعون وتبنته وهي التي أشفقت عليه وطلبت له المراضع.
المنة الخامسة: قوله تعالى: ﴿وقتلت نفساً﴾ قال ابن عباس: هو الرجل القبطي الذي قتله خطأً بأن وكزه حين استغاثه الإسرائيلي إليه قال الكسائي: كان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة ﴿فنجيناك من الغمّ﴾ أي: من غم قتله خوفاً من اقتصاص فرعون كما قال تعالى في آية: ﴿فأصبح في المدينة خائفاً يترقب﴾ (القصص، ١٨)
بالمهاجرة إلى مدين.
المنة السادسة: قوله تعالى: ﴿وفتناك فتوناً﴾ قال ابن عباس: اختبرناك اختباراً وقيل: ابتليناك ابتلاءً، قال ابن عباس: الفتون وقوعه في محنة بعد محنة وخلصه الله تعالى منها أوّلها أنّ أمّه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال ثم إلقاؤه في البحر في التابوت ثم منعه الرضاع إلا من ثدي أمّه ثم أخذه بلحية فرعون حتى همّ بقتله ثم تناوله الجمرة بدل الجوهرة ثم قتله القبطي وخروجه إلى مدين خائفاً.
(٥/٢٥٩)
---