أي: الأجل المشروط عليه في تزويجه وسار بأهله ومدين بلدة شعيب على ثمان مراحل من مصر ﴿ثم جئت على قدر﴾ أي: على القدر الذي قدّرت أنك تجي فيه لأن أكلمك وأستنبئك غير مستقدم وقته المعين ولا مستأخر وقال عبد الرحمن بن كيسان على رأس أربعين سنة وهو القدر الذي يوحي فيه للأنبياء وهذا قول أكثر المفسرين أي: على الموعد الذي وعد الله وقدّر أنه يوحي إليه بالرسالة وهو أربعون سنة وكرّر تعالى قوله: ﴿يا موسى﴾ عقب ما هو غاية الحكاية للتنبيه على ذلك. المنة الثامنة: قوله تعالى:
﴿واصطنعتك﴾ أي: اخترتك ﴿لنفسي﴾ لأصرّفك في أوامري لئلا تشتغل إلا بما أمرتك به وهو إقامة حجتي وتبليغ رسالتي وأن تكون في حركاتك وسكناتك لي لا لنفسك ولا لغيرك ثم بيّن تعالى ماله اصطنعه وهو الإبلاغ والأداء بقوله تعالى:
﴿اذهب أنت وأخوك بآياتي﴾ أي: بمعجزاتي وقال ابن عباس: الآيات التسع التي بعث بها موسى وقيل: إنها العصا واليد لأنهما اللذان جرى ذكرهما في هذا الموضع ولم يذكر أنه عليه السلام أوتي قبل مجيئه إلى فرعون ولا بعد مجيئه حتى لقي فرعون فالتمس منه آية غير هاتين الآيتين قال تعالى حكاية عن فرعون: ﴿إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين﴾ (الأعراف: ١٠٦، ١٠٧، ١٠٨)
وقال تعالى: ﴿فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه﴾ (القصص، ٣٢)
فإن قيل: كيف أطلق لفظ الجمع على الاثنين؟ أجيب: بأنّ العصا كانت آيات انقلابها حيواناً ثم إنها في أوّل الأمر كانت صغيرة لقوله تعالى: تهتز كأنها جانّ ثم كانت تعظم وهذه آية أخرى ثم كانت تصير ثعباناً وهذه آية أخرى ثم إنه عليه السلام كان يدخل يده في فمها فما كانت تضرّه فهذه آية أخرى ثم كانت تنقلب خشبة فهذه آية أخرى وكذلك اليد فإنّ بياضها آية وشعاعها آية أخرى ثم زوالها بعد ذلك آية أخرى فدل ذلك على أنها كانت آيات كثيرة.
(٥/٢٦١)
---


الصفحة التالية
Icon